توارى الاستقطاب العنيف بين قوى المعارضة والموالاة خلف إطلالة جديدة للعنف الطائفي على المشهد المصري، إذ سقط شخص قتيلاً وجرح العشرات بعد اشتباكات دموية بين مسلمين وأقباط جرت مساء أمس في محيط إحدى كنائس الإسكندرية، على خلفية شجار بين مسلم وقبطي تطور إلى صدام مسلح بين عائلتيهما. وعاد الهدوء إلى حي الدخلية السكندري بعد ليلة شهدت مواجهات دامية على نطاق واسع وأدت إلى سقوط قتيل يدعى شريف صدقي أصيب بأزمة قلبية خلال الاشتباكات، فيما جرح العشرات. وقال مسؤول أمني إن الشرطة أوقفت نحو 8 أشخاص من الطرفين وأحالتهم على النيابة للتحقيق معهم في اتهامات ب «تكدير الأمن العام وإتلاف ممتلكات عامة وخاصة وإشعال الفتنة». وكان شجار نشب بين شابين أحدهما قبطي يدعى باسم جرجس وآخر مسلم يدعى محمد شريف، بسبب قيام الأول بالتحرش لفظياً بشقيقة الثاني، قبل أن تتسع رقعة الشجار ويستعين كل طرف بأقاربه وأصدقائه، ليتحول شارع الجيش في منطقة الدخلية إلى مسرح لمواجهات استمرت نحو ساعتين واستخدم فيها الطرفان الأسلحة والزجاجات الحارقة والعصي والحجارة، قبل أن تتدخل قوات الشرطة وتطوق الاشتباكات عبر إطلاق سيل من قنابل الغاز المسيل للدمع كما طاردت الطرفين في الشوارع. وقال مدير مباحث الإسكندرية اللواء ناصر العبد إن قوات الأمن ألقت القبض على عدد من الأشخاص من الطرفين، وأن الشرطة منعت محاولة قام بها أحد الأطراف لاقتحام كنيسة العذراء في شارع الجيش، مشيراً إلى أن «الكنيسة لم تصب بأي سوء، والأمر تمت السيطرة عليه بالكامل». وأكد عضو المجلس الملّي (مجلس مدني للمساعدة في إدارة الشؤون الكنسية) في الإسكندرية نادر مرقص أن القيادات القبطية في الإسكندرية لن تسعى إلى عقد جلسة صلح مع عائلة شريف، موضحاً أنه «في مثل هذه الحالات كنا نسعى إلى الصلح وعقد مجلس عرفي بين الأطراف لإنهاء النزاع صلحاً، إلا أننا في هذه المرة تحديداً لن نقوم بذلك وسنترك القانون يأخذ مجراه». وأشار إلى أن «طرفي النزاع لم يتشاجرا لأسباب طائفية أو دينية». إلى ذلك، تحسم «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم غالبية قوى المعارضة في اجتماع غداً موقفها من المشاركة في الانتخابات التشريعية المتوقعة في أيلول (سبتمبر) المقبل. وأعلنت الجبهة رفضها مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي يناقشه مجلس الشورى، مؤكدة أنه «يؤسس لقمع وتحجيم العمل الأهلي في مصر ويتعارض مع المبادئ التي قامت من أجلها الثورة والمعايير الدولية لحرية تكوين الجمعيات». ووصفت الجبهة في بيان القانون بأنه «محاولة لإسكات المجتمع وتطويعه وإخراس أي صوت حر معارض لسياساتهم التي تهدف إلى إفقار المجتمع وحرمانه من حقوقه التي طالب بها في ثورته ودفع ثمنها من دمه». ولفتت إلى أن القانون «يتزامن مع الاعتداءات المتواصلة على الصحافيين والإعلاميين وإحالتهم على التحقيق، واستهداف الناشطين والمعارضين لسياسات الرئيس محمد مرسي والتي وصلت إلى حد القتل». واعتبر البيان أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية «يعتمد أساساً على فلسفة عدائية تجاه أي نشاط طوعي حر يقوم به المجتمع، ويحاول السيطرة على أشكال التنظيمات والحركات الشبابية كافة التي تأسست بعد الثورة أو مهدت لها». وأضاف أن «المشروع يهدف إلى السيطرة على نشاط المنظمات الحقوقية وإخضاعها لتوجيهات الأجهزة الأمنية، ويحتوي على مواد قانونية تعتبر أشد قمعاً من تلك التي وردت في قانون الجمعيات الحالي». ورأى أن «القانون يعيد إنتاج الدولة البوليسية عن طريق تقنين دور الأمن في الرقابة على عمل الجمعيات الأهلية»، مشيراً إلى أن المشروع «يتضمن ما تسمى اللجنة التنسيقية، ويجعلها هي صاحبة الأمر والنهي في مصادر تنمية موارد تلك الجمعيات». واعتبرت الجبهة ذلك «تدخلاً سافراً في أنشطة وعمل تلك الجمعيات، وهي المنوط بها مراقبة أداء تلك الأجهزة الأمنية، ومراقبة مدى التزامها مبادئ حقوق الإنسان التي قامت على أساسها الثورة». وقالت إن «مشروع القانون تحايل على المادة 51 من الدستور الذي صاغته جماعة الإخوان والتي تنص على تأسيس الجمعيات بمجرد الإخطار، ليمنع مشروع القانون الجمعيات من اكتساب الشخصية الاعتبارية إلا بعد حصولها على شهادة قيد من قبل الجهة الإدارية، ما يجعل عملية التأسيس برمتها مرهونة بإرادة الحكومة وليس بإرادة المواطنين». ولفتت إلى أن «المشروع يعطي الحق للجهات الأمنية والحكومية في التحكم في نشاط الجمعية ما قد يسمح لتلك الجهات برفض تمويلات المنظمات الحقوقية التي تراقب الانتخابات أو تعمل على مكافحة التعذيب، ما يمنع تلك المنظمات من القيام بمهماتها». وأكدت أن «الغموض وعدم الشفافية اللذين أحاطا بعملية الإعداد للقانون يعتبران جزءاً من سياسة النظام الحاكم في تضليل الرأي العام الوطني والدولي، بهدف تمرير مشروع قانون لم يخضع للمناقشة المستفيضة والجادة». وقالت: «في وقت تناقش وزارة العدل مشروع قانون للجمعيات، يناقش مجلس الشورى مشروعًا آخر مقدماً من حزب الحرية والعدالة، كما تعتزم رئاسة الجمهورية في الوقت نفسه تقديم مشروع قانون ثالث لمجلس الشورى خلال أيام».