يُغطي المحيط المتجمد الشمالي نحو 9 في المئة من مساحة الأرض، وبات يتغير كيماوياً، وترتفع نسبة حموضته بوتيرة أعلى وبطرق تؤثر في الأنظمة البيئية البحرية. وتجعل مساحة محيطات العالم من القارات أقزاماً مقارنة بها. وإذا كان كوكبنا يُسمّى بالأرض، فإن المياه هي المسيطرة على الكرة الأرضية، وتغطي نسبة 70 في المئة من مساحتها. كما تمتص المحيطات كميات ضخمة من غاز ثاني أوكسيد الكربون الزائد، الذي يُبثّ إلى الغلاف الجوي من خلال استخدام الوقود الكربوني. وأكد عالم المحيطات جون أولافسون من جامعة أيسلندا، زيادة نسبة حموضة المحيطات «وباتت تتغير بوتيرة متسارعة جداً، والمدهش حقاً مدى وضوح هذه الإشارات، ومدى سرعة امتصاص المحيطات ثاني أوكسيد الكربون». ولاحظ أولافسون، أن ارتفاع نسبة حموضة المحيطات «يتفاوت بدرجتها وأسبابها وفي محيطات مختلفة»، مشيراً إلى أن التقلبات في نسبة الحموضة في المحيطات «هي عملية موسمية طبيعية». لكن على رغم ذلك، «تُعتبر العوامل المتعلقة بالاحتباس الحراري العالمي، المتمثلة بزيادة امتصاص ثاني أوكسيد الكربون وذوبان الجليد البحري، مشاركة في إحداث هذا التغيير السريع». وكان أولافسون يتحدّث في مؤتمر خُصص لمناقشة ارتفاع نسبة حموضة المحيط المتجمد الشمالي في بيرغن في النروج، والذي نظّمه برنامج رصد القطب الشمالي وتقويمه، وهو قسم البحوث في مجلس القطب الشمالي، الذي أسسته ثماني دول تقع سواحلها على ضفاف المحيط المتجمد الشمالي عام 1996، في سبيل تعزيز التعاون بين الشعوب ومصالحها في المنطقة. وأصدر البرنامج تقويماً لمدة ثلاث سنوات حول اتجاهات ارتفاع نسبة حموضة محيط القطب الشمالي، وهو برنامج عرض على المجلس في اجتماع استضافته مدينة كيرونا أخيراً في السويد، ومثل وزير الخارجية جون كيري الولاياتالمتحدة فيه. ويشكل تقرير البرنامج حول ارتفاع نسبة حموضة المحيط المتجمد الشمالي، مسألة حساسة لأن امتصاص ثاني أوكسيد الكربون يجري بسهولة أكثر في المياه الباردة. في حين تقلل الكميات المتزايدة من المياه العذبة المتدفقة من الأنهار ومن ذوبان الجليد إلى المحيط المتجمد الشمالي، قدرة مياه المحيط في معادلة الحموضة. ولخص التقرير النتائج، مؤكداً أن من شأن أي تغير بيئي بمثل هذا الحجم أن «يؤثر في الحياة البحرية، بدءاً من العوالق وصولاً إلى الأسماك»، لكن معرفة كيفية حدوث ذلك وإلى أي درجة «سؤالان لا يزالان من دون جواب». ورأى عالم الأحياء سام دوبون من جامعة غوتنبرغ السويدية، الذي شارك في جلسة المناقشة مع أولافسون، أن «تسليط العوامل البيئية ضغوطها على التوازن الطبيعي في أي نظام بيئي، ليس خبراً جيداً». وقال: «أثر ارتفاع نسبة الحموضة على أشكال الحياة في القطب الشمالي، لا يمكن التنبؤ به في ظل المستوى الحالي من المعرفة، ويجب على علماء الأحياء العمل على فهم آليات الاستجابة لدى الأنواع الحياتية». وخلُص أولافسون مشدداً على ضرورة «اتباع نهج متعدد الاختصاص المعرفي، وأن يتضمن علماء المحيطات والكيماويين وعلماء الأحياء وخبراء الاقتصاد، في ضوء الحاجة إلى بدء التكهن بما سينتج من ارتفاع نسبة حموضة المياه في القطب الشمالي».