حذر خبراء من أكبر خطر بيئي يهدد البشرية، حيث وصل غطاء الجليد في القطب الشمالي إلى مستوى قياسي منخفض الأمر الذي ستكون له تبعاته بسبب تأثيره على مناطق أخرى بالعالم أبعد من القطب الشمالي نفسه. وقد كان للتغير المناخي أثر أكبر على هذه المنطقة دون غيرها حيث تشهد ارتفاعا في درجة الحرارة بمقدار ضعف سرعة المتوسط العالمي. وقد تشهد المنطقة حسب التوقعات ارتفاعا في درجة الحرارة بمقدار يتراوح بين 6 درجات إلى 14 درجة بحلول العام 2100 وذلك على حسب مقدار سرعة اختفاء الجليد من البحر، وقد حذر الخبراء من أن جليد القطب الشمالي سينحسر في موسم الصيف كلية حوالي عام 2050. لقد احتفظ المحيط المتجمد الشمالي بغطائه الجليدي السميك على الأرجح لمدة 13 مليون سنة حيث يشهد اتساعه تقلبات بحسب المواسم والتيارات، وفي كل صيف ينكمش هذا الغطاء إلى أدنى مستوى سنوي في منتصف شهر سبتمبر قبل أن ينمو مجدداً، مدعوماً بانخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء وبفترة الليل الطويلة. إلا أنه لم يكن متوقعاً أن يشهد الغطاء الجليدي للمحيط المتجمد الشمالي مثل هذه الفترات الساخنة من الصيف، ولكن المتابعة المستمرة والآنية أثبتت أن صيف 2012 شكّل مرحلة فارقة في تاريخ المنطقة، لدرجة أنه اعتبر أشد حدة من صيف العام 2007 وذلك عندما أدى ذوبان الجليد هناك إلى فتح الممر الشمالي الغربي للمرة الأولى في التاريخ. وقد أظهرت نتائج الرصد اليومية التي صدرت من المركز القومي لبيانات الثلج والجليد بالولايات المتحدة في أغسطس الماضي انكماش كمية الجليد في بحر القطب الشمالي إلى حوالي 4.1 ملايين كيلومتر مربع، أي أقل بمقدار 70 ألف كيلومتر مربع عن المساحة القياسية التي سجلت في عام 2007. إن تضاؤل كمية الجليد في القطب الشمالي يعني أن المزيد من الضوء سوف ينفذ إلى قاع المحيط ليحفز قيام الحياة، لكنه في ذات الوقت يعني تكوّن مياه سطحية أكثر دفئاً وتسرب كميات أكثر من الطاقة إلى الغلاف الجوي للأرض. ويؤدي وجود هذه الطاقة إلى المزيد من الأعاصير التي تولّد موجات عملاقة قادرة على اختراق الغطاء الجليدي ما يؤدي إلى المزيد من التدهور، كما أن التبعات الناجمة عن ذلك غير مفيدة بالنسبة لهذه البيئة ذات الطابع، فضلاً عن أن الآثار السلبية على باقي الكرة الأرضية يمكن أن تكون حادة. وأشارت مجلة "نيوساينتست" البريطانية في تقرير لها إلى أن بيانات قياس سُمك طبقات الجليد مثيرة للقلق. فخلال الفترة من عام 1979 إلى 2000، كان متوسط حجم الجليد في القطب الشمالي خلال شهر سبتمبر هو 12 ألف كيلومتر مكعب، حيث وصل المتوسط هذا العام إلى 3 آلاف كيلومتر مكعب. وفي ظل التبعات المناخية والجيوسياسية والبيئية والاقتصادية فإن المحيط المتجمد الشمالي سيصبح بلا جليد بسبب عدة عوامل تشمل درجات الحرارة الدافئة في فصل الربيع، حيث مر في شهر أغسطس إعصار كبير بالدائرة القطبية الشمالية، وهي ظواهر كانت نادرة الحدوث في الماضي إلا أنها أصبحت متكررة وأقوى وتستمر لفترة أطول مما كانت عليه قبل ذلك. ويتنبأ أحدث نموذج لتغير المناخ بأنه في حوالي عام 2050 سيصبح القطب الشمالي خالياً من الجليد تماماً خلال مواسم الصيف، وعندما يحدث ذلك، فإن روتين المنطقة الذي استقر عليه عبر ملايين السنين سينقلب رأساً على عقب. جدير بالذكر أن فقدان جليد البحر القطبي الشمالي والغطاء الجليدي يكلف العالم ما بين 61 مليار دولار و371 مليار دولار سنويا تقريبا من نفقات ترتبط بالموجات الحارة والفيضانات وعوامل أخرى وهذه الخسائر آخذة في الارتفاع حيث قد يطلق القطب الشمالي عندما ترتفع درجة حرارته مخزوناً من الميثان في التربة المتجمدة، يرفع تأثيره درجة حرارة الأرض ب 21 ضعف مقارنة بثاني أكسيد الكربون.