مازالت آثار التغير المناخي الذي تسبب به الإنسان من خلال نشاطاته تظهر في كافة أشكالها، آخرها ما تسببت به انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من زيادة حموضة مياه المحيطات والتي أدت إلى إضعاف وإعاقة نمو الأصداف الواقية للكائنات البحرية من الرخويات خاصة في المناطق القطبية، الأمر الذي قد يعطل السلاسل الغذائية البحرية من خلال جعل تلك المخلوقات أكثر عرضة لهجمات الحيوانات المفترسة. وحسب الدراسة التي نشرتها دورية "التغير البيولوجي" فإن زيادة حموضة المحيطات يجعل من الصعب على المخلوقات استخلاص كربونات الكالسيوم المركب الحيوي لنمو الهياكل العظمية والأصداف خاصة في المياه الباردة في المحيط المتجمد الشمالي والقارة القطبية الجنوبية، ذلك لأن زيادة البرودة تؤدي إلى صعوبة استخلاص كربونات الكالسيوم مما يضعف الهياكل العظمية للحيوانات، فالحيوانات القطبية يمكن أن تكون الأولى فيما يتعلق بتأثرها بهذه المشاكل الخطيرة لتكوين هياكل عظمية فالتغيرات الجارية في المياه الباردة ستكون علامة لما يمكن حدوثه في المستقبل في المناطق المعتدلة والاستوائية. وقالت رويترز أن العلماء قاموا بدراسة أربعة أنواع من المخلوقات الرخوية وقواقع البحر وذوات القوائم الذراعية وقنافذ البحر في مواقع مختلفة من القطب الشمالي إلى الجنوبي حيث ظهر أن نفس التأثير يحدث باستمرار في جميع الأنواع الأمر الذي يشير إلى تأثير واسع الانتشار في الأنواع البحرية مما يؤكد أن زيادة الحموضة في مياه المحيطات ستقلل تدريجيا من توافر كربونات الكالسيوم. وكان المجلس القومي الأمريكي للبحوث قد أكد أن انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسؤولة عن ظاهرة الاحتباس الحراري تسهم في زيادة درجة حموضة مياه المحيطات بأسرع معدل خلال مئات الآلاف من السنين، حيث إن التركيب الكيميائي لمياه المحيطات يتغير بمعدل غير مسبوق يتجاوز أي معدلات عرفت خلال السنين الماضية بسبب انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن أنشطة الإنسان. وتؤدي زيادة درجة حموضة مياه المحيطات إلى تآكل الشعاب المرجانية وعرقلة قدرة بعض أنواع الأسماك من العثور مواطن معيشتها ويمكن أن تؤثر تجاريا على توافر بعض أنواع الرخويات مثل المحار وخيار البحر بالإضافة إلى الحد من القدرة على تكوين الأصداف البحرية الواقية. وتحدث عمليات التآكل تلك عندما يتم تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون في المحيطات ليتفاعل مع مياهها ليكوّن بذلك حمض الكربونيك. وتمتص المحيطات حوالي ثلث ابعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن نشاط الإنسان بما في ذلك الغازات الناتجة عن حرق الوقود الحفري وإنتاج الأسمنت وقطع الغابات. وقد أوصي بضرورة إنشاء شبكة عالمية للرقابة الكيميائية والحيوية المستديمة والصارمة لوضع المعايير ورصد التغيرات الناتجة عن زيادة الحموضة والتنبؤ بها. إلا أن الأمل في أن تكون تلك المخلوقات قادرة على أن تتطور مرة أخرى وتتكيف يكمن فيما أكدته الدراسة من أن الحيوانات تطورت في الماضي لتكون قادرة على العيش في الأماكن التي يصعب الحصول فيها على كربونات الكالسيوم كما هو الحال في القارة القطبية الجنوبية من خلال تكوين هياكل عظمية أخف وزناً.