أعلنت السلطات التونسية أمس أنها قررت منع تنظيم مؤتمر لجماعة «أنصار الشريعة» السلفية المتطرفة غداً في القيروان (وسط)، محذرة من أن الدولة لن تسمح بأي «تهديد». وقالت وزارة الداخلية في بيان مساء أمس: «إثر إعلان ما يسمّى بأنصار الشريعة عقد تجمع في الساحات العامة في مدينة القيروان... على خلاف القوانين المنظمة للتجمعات ولقانون الطوارئ وفي تحد صارخ لمؤسسات الدولة وتحريض ضدّها وتهديد للأمن العام، تعلن وزارة الداخلية أنه تقرر منع انعقاد هذا الملتقى وذلك لما يمثله من خرق للقوانين وتهديد للسلامة والنظام العام». وقال وزير الداخلية لطفي بن جدو لإذاعة «كلمة» التونسية الخاصة: «سنتخذ الإجراءات الكفيلة بحفظ هيبة الدولة مهما كان الثمن». وكان الناطق باسم «أنصار الشريعة» سيف الدين الرايس حمل في مؤتمر صحافي أول من أمس الحكومة التي تقودها «حركة النهضة» الإسلامية مسؤولية «أي قطرة دم قد تراق» الأحد في القيروان. ورد عليه وزير الداخلية قائلاً إن «الحديث عن الدم لإخافة الأمنيين (رجال الشرطة) لن يجدي نفعاً... لدينا فرق اختصاصية وما يمكن أن نحمي به تونس. إن شاء الله لا نضطر إلى استعمال وسائل العنف، وسنحاول قدر الإمكان تجنيبهم (أنصار الشريعة) أي تبعات لأي مواجهة». وكان رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي أكد أن الحكومة منعت مؤتمر «أنصار الشريعة» الذين تحدوا السلطات وقالوا انهم يتوقعون حضور 40 ألف شخص مؤتمرهم السنوي الثالث غداً في القيروان التي أسسها الصحابي عقبة بن نافع قبل نحو 14 قرناً. وأكد بن جدو أنه لم يصل وزارة الداخلية أي مطلب للحصول على ترخيص من «أنصار الشريعة» التي لا تعترف بسلطة الدولة، كما أفاد بأن بعض المؤتمرات والندوات أصبح يشكل «تحدياً لهيبة الدولة»، مشيراً إلى أن وزارته ستعدل موقفها على منطق عدم اعتراف هؤلاء بالدولة وهيبتها، في إشارة إلى اعتبار «أنصار الشريعة» أن «مسألة الدعوة لله لا تتطلب ترخيصاً ومروراً بالقوانين المعمول بها»، كما ذكر بن جدو. وأضاف الوزير أن «عدم الاعتراف بمؤسسات الدولة أمر خطير جداً يضع الدولة أمام مسؤولياتها». وقال إن «هذا التحدي نحن لم نسع إليه ولم نسع إلى أي صدام مع هؤلاء. ندعو الحكماء منهم (أنصار الشريعة) إلى أن يتبصروا». وكان قائد «أنصار الشريعة» سيف الله بن حسين المُكنى ب «أبي عياض»، وهو من الأفغان العرب وقاتل إلى جانب «القاعدة»، هدد الأسبوع الماضي بإعلان «الحرب» على الحكومة، متهماً «النهضة» باتباع سياسية منافية للإسلام. وكان «أبو عياض» أودع السجن في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ثم افرج عنه بموجب عفو عام صدر بعد ثورة 2011 التي أطاحت بن علي. وهو في حال فرار منذ خريف العام 2012 وتشتبه السلطات بأنه منظم الهجوم الدامي على السفارة الأميركية في تونس في 14 أيلول (سبتمبر) الماضي الذي أوقع أربعة قتلى بين المتظاهرين المهاجمين. وتصاعد الصراع بين الحكومة والمجموعات السلفية المتطرفة التي كان يجري التسامح معها، بعد أن أعلنت السلطات وجود مقاتلين من عناصر «القاعدة» في تونس. وتطارد قوات الجيش والأمن التونسي منذ نهاية نيسان (أبريل) الماضي مجموعات مسلحة متحصنة في مرتفعات غرب البلاد القريبة من الحدود مع الجزائر. وأصيب في هذه العمليات 16 عسكرياً ودركياً بسبب انفجار ألغام زرعت في طريقهم في جبل الشعانبي في ولاية القصرين (وسط غرب). ونفى الناطق باسم «أنصار الشريعة» أول من أمس، أي علاقة لمجموعته ب «القاعدة» التي يتحصن عناصرها في جبل الشعانبي. وكانت مجموعات سلفية متشددة وراء عدد من أحداث العنف، وفق السلطات، في حين تتهم المعارضة «النهضة» بالتراخي في مواجهة هذه المجموعات المتطرفة.