تعيش تونس هذه الأيام على وقع مواجهات كلامية واتهامات متبادلة بين الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية وتنظيم «أنصار الشريعة» السلفي الجهادي الذي يعتزم تنظيم مؤتمره الثالث الأحد بمحافظة القيروان وسط البلاد. وجدد قادة «أنصار الشريعة» أمس تمسكهم بعقد المؤتمر الذي حظرته وزارة الداخلية، وحذّروا السلطة من استعمال الحل الأمني ضدهم، قائلين إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى مواجهات. وكانت وزارة الداخلية قررت قبل أيام منع تنظيم مؤتمر السلفيين الجهاديين في محافظة القيروان، والذي يعتبر من أضخم التجمعات السياسية في البلاد حيث شارك فيه العام الماضي أكثر من ثلاثين ألف شخص. وفسرت الوزارة قرار المنع بالوضع الأمني «الحساس» والعمليات التي تقوم بها قوات الجيش والأمن التي تلاحق مجموعة مسلحة في جبل الشعانبي المحاذي للحدود الجزائرية. وتزامن قرار الوزارة مع منع قوات الأمن التونسية في الأيام الماضية نصب «خيام دعوية» للسلفيين لدعوة الناس إلى اتباع مذهبهم، ما أسفر عن مواجهات بين الأمن والسلفيين في مناطق عدة. وأكدت وزارة الداخلية في بيان جديد «تصميمها على فرض القانون واستعمال القوة إن لزم الأمر في حال لم يلتزم تنظيم «أنصار الشريعة» بقرارات وزارة الداخلية». ويتزعم تنظيم «أنصار الشريعة» سيف الله بن حسين الملقب ب «أبي عياض» الذي تلاحقه الشرطة على خلفية أحداث السفارة الأميركية في أيلول (سبتمبر) الماضي. ولم يستبعد عدد من السلفيين أن يلقي «أبو عياض» خطاباً مسجلاً في مؤتمر القيروان الذي ينعقد في ساحة مسجد «عقبة بن نافع» التاريخي وهو أول مسجد بني في تونس. وفي مؤتمر صحافي أمس، حذّر الناطق باسم تنظيم «أنصار الشريعة» سيف الدين الرايس وزارة الداخلية من استعمال الحل الأمني لمنع ملتقى القيروان، ولم يستبعد في الوقت نفسه «وقوع مواجهات عنيفة» بين الأمن والسلفيين. وأشار الناطق إلى أن التنظيم «سيحمّل الحكومة مسؤولية كل قطرة دم قد تسيل في القيروان»، مشدداً على أن تنظيمه لن يتقدم بطلب ترخيص رسمي من وزارة الداخلية باعتبار أن «الدعوة إلى الله لا تتطلب ترخيصاً من الدولة». وكان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، قد أكد أول من أمس أن الحكومة ستمنع مؤتمر «أنصار الشريعة» بما أنهم لم يحصلوا على إذن مسبق. وفي ظل هذا التجاذب وتمسك كل طرف بموقفه تبقى المواجهة مفتوحة على الاحتمالات كافة ومن بينها حصول مواجهات بين السلفيين وقوات الأمن. وقد انطلقت الوحدات الأمنية بتركيز نقاط تفتيش على تخوم محافظة القيروان من أجل منع المشاركين من الالتحاق بالمؤتمر. وقد انطلق منذ أمس الخميس توافد أفواج السلفيين إلى القيروان وفق خطة دعت إليها قيادات سلفية للتصدي لمحاولات وحدات الأمن منع السلفيين من الوصول إلى المدينة. وفي سياق آخر، طالب رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي لدى افتتاحه مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل (اكبر منظمة عمالية في البلاد) بالسماح للطالبات المنقبات بالدخول إلى الجامعات لاجتياز الامتحانات، وقد أثارت كلمته استياء بعض الحاضرين وغادر عدد من المشاركين في الحوار كلمة رئيس الجمهورية احتجاجاً ما ورد فيها. وتعود مسألة النقاب في الجامعات والمدارس إلى واجهة الأحداث مع قدوم موعد الامتحانات والإشكاليات التي تواجه القائمين عليها باعتبار أن بعض الطالبات المنقبات يردن الدخول إلى القاعات دون الكشف عن وجوههن، وهو ما ترفضه القوانين الأساسية المنظمة للحياة الجامعية في تونس.