أعلن تجار أن سورية تمكنت من تعزيز وارداتها من الحبوب في الأشهر الماضية، بعدما تراجع نشاطها في الأسواق الدولية لفترة، ما يشير إلى أن البلد وجد سبيلاً لتوفير الغذاء على رغم الحرب. ورجحوا أن تكون سورية واجهت صعوبات في الحصول على إمدادات حبوب عالمية العام الماضي، لكنها تراجعت هذه السنة، بعدما تمكن وسطاء من عقد صفقات. ولا تستهدف العقوبات الدولية شحنات الأغذية، لكن العقوبات المصرفية والحرب أوجدتا صعوبات لبعض الشركات التجارية التي تريد التعامل مع دمشق. وبعدما بات الوسطاء الأجانب يعقدون الصفقات، استطاعت دمشق شراء القمح بدفع علاوة في السعر تتراوح بين 3 و5 في المئة فوق السعر العالمي. واعتبر تاجر حبوب أوروبي، أن واردات الحبوب للحكومة السورية «استقرت بنظام روتيني مع التجار في الدول المجاورة، إذ أصبحوا يتلقون الطلبات المباشرة ويمررونها بموجب عقود من الباطن للشركات التجارية العالمية». وتزرع سورية عادة معظم حاجاتها من القمح، فيما تشكل الواردات أقل من 25 في المئة من الاستهلاك، وربما ترتفع هذه النسبة في حال كان المحصول ضعيفاً كما حدث عام 2010. ويُتوقع بدء موسم الحصاد لهذه السنة في الأسابيع المقبلة، وإلى ذلك الحين لن يتضح حجم الضرر اللاحق بالمحصول نتيجة الحرب التي شرّدت الملايين، وقُتل فيها ما يزيد على 70 ألفاً وفق تقديرات الأممالمتحدة. وتمثل القدرة على إطعام الشعب اختباراً حاسماً للحكم، إذ تؤكد الحكومة السورية باستمرار أنها لا تواجه أية مشاكل في إمدادات الغذاء. وأعلنت الأممالمتحدة أن الحرب خلقت أزمة إنسانية، إذ يحتاج 6.8 مليون شخص لمساعدات. فيما لفت برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إلى أن سعر الدقيق (الطحين) في دمشق زاد إلى المثلين منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي. والوضع أسوأ في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، إذ تشير بيانات برنامج الأغذية العالمي، إلى أن الخبز يُباع في حلب (شمال) بسعر يتراوح بين خمسة وعشرة أمثال السعر المدعوم في دمشق. وتستهلك سورية عادة بين 4.5 مليون طن من القمح و4.7 مليون. وفي الأعوام التي يكون فيها المحصول جيداً، يمكن أن ينتج المزارعون المحليون حوالى أربعة ملايين طن. وكشف تجار أن سورية «اشترت أكثر من 220 ألف طن من القمح من السوق العالمية منذ شباط (فبراير) الماضي»، وكانت تستورد في السنوات التي يكون فيها المحصول جيداً حوالى 600 ألف طن سنوياً. وأظهرت بيانات تجارية جمعتها وكالة «رويترز، شحن حوالى 90 ألف طن من القمح الفرنسي إلى سورية بين شباط ونيسان (أبريل) الماضيين. وقال تجار إن هيئة الحبوب الحكومية «اشترت أيضاً 100 ألف طن من القمح في آذار (مارس) الماضي من منطقة البحر الأسود، وكذلك شركات خاصة في الأسابيع الماضية. وأفادت مصادر بأن وسطاء أجانب في لبنان وتركيا واليونان، يعقدون هذه الصفقات وتُسدد المبالغ بعملات متنوعة، من بينها اليورو، وبالمقايضة أيضاً. وأكد مصدر تجاري مقيم في الشرق الأوسط، وجود «رغبة أكبر لدى الشركات التجارية العالمية لتوريد شحنات وجهتها النهائية سورية، ويمثل الوسطاء قناة لذلك، إذ لا يزال هناك إحجام عن التجارة المباشرة مع سورية». وأوضح تاجر أوروبي، أن الوسطاء يدفعون ثمن الشحنات في أماكن مثل لبنان ودبي، حتى لا تكون هناك صلة مباشرة بحسابات سورية أو بائعين سوريين.