حذر خبراء من انعكاسات ما وصفوه ب»انكماش اقتصادي عالمي كبير يزيد من هشاشة الآفاق الاقتصادية العالمية»، مرجحين حدوث هذا الاحتمال استناداً إلى «التراجع الكبير لأسعار السلع خلال الأسابيع الأخيرة وبآفاق اقتصادية عالمية آخذة في التردّي وتصحيحات كبرى في أسواق الأسهم والسندات العالمية». وتوقعت «مجموعة بنك قطر الوطني» في تقرير أصدرته أمس أن يقود «الانكماش الكبير إلى دوامة من تراجع الأسعار والأصول في العالم، كما ستزداد أخطار حدوث مثل هذا السيناريو مع الهبوط الشديد في أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي والتصحيحات المهمة التي شهدتها أسواق الأسهم والسندات الكبرى، خصوصاً إذا ما استمرت هذه الاتجاهات ولم تعمل الحكومات في العالم على تحفيز الطلب المحلي عبر مزيد من الإنفاق الحكومي». وأشار التقرير إلى أن «الانكماش يقود عموماً إلى إبطاء النشاط الاقتصادي مع تأجيل اتخاذ القرارات حول الاستهلاك والاستثمار، في انتظار الأسر والشركات أسعاراً أقل في المستقبل، وتخلّف أعداد أكبر من المقترضين عن تسديد قروضهم بسبب تراجع قيمة ضماناتهم إلى مستوى أقل من قيمة القروض». وأضاف: «إذا ما اقترن انكماش الأسعار بهبوط عام في أسعار الأصول، فإن تأثير الانكماش قد يصبح مدمراً لأن تراجع الأسعار والأصول يساعد على إيجاد حلقة مفرغة من الهبوط في الدخل والاستثمار والاستهلاك». ويعد «الانكماش الكبير» الذي شهدته كل من بريطانيا والولايات المتحدة في سبعينات القرن ال19، و»الكساد الكبير» الذي ساد العالم في ثلاثينات القرن ال20، أفضل نموذجين تاريخيين لمثل هذه الحلقة المفرغة. ولفت التقرير إلى تحذير أصدره في آب (أغسطس) الماضي من أن استمرار هبوط أسعار المواد الغذائية العالمية قد يزيد أخطار حدوث انكماش عالمي. ومنذ ذلك التاريخ تراجعت أسعار الطاقة، ما عزز الضغوط الانكماشية العالمية، وخصوصاً هبوط أسعار خام برنت بأكثر من الربع منذ الذروة التي سجلها عام 2014 عند 113 دولاراً للبرميل في 19 حزيران (يونيو) الماضي. وهبطت أسعار السلع العالمية 8.3 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة، ثم تراجعت أكثر في بداية الشهر الجاري وفق أحدث مؤشرات أسعار السلع لصندوق النقد الدولي. وأشار تقرير «مجموعة بنك قطر الوطني» إلى أن «أسواق الأسهم والسندات شهدت تصحيحات مهمة، فخلال الأسبوعين الأولين من الشهر الجاري هبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 الأميركي 6.8 في المئة ومؤشر داكس الألماني 12 في المئة ومؤشر نيكاي الياباني 6.2 في المئة، ويبدو أن هذه التصحيحات كانت مدفوعة بتحول المستثمرين إلى السندات طويلة الأجل لدرء أخطار الانكماش، ولذلك تراجعت عائدات السندات السيادية لأجل 10 سنوات 2.1 في المئة». وأضاف: «في حال حدوث انكماش عالمي، ستدخل منطقة اليورو مرحلة انكماش في وقت لاحق من هذه السنة، كما يُرجح أن يقود الهبوط في أسعار السلع، مقروناً بنشاط اقتصادي ضعيف للربع الثاني والتصحيحات الكبيرة في أسعار الأسهم والسندات، إلى تحويل معدل للتضخم الأساس المسجل في أيلول (سبتمبر) الماضي والبالغ 0.3 في المئة إلى نسبة سلبية، ما سيدفع البنك المركزي الأوروبي إلى اتخاذ مزيد من تدابير التيسير الكمي، مع احتمال أن يشتري سندات سيادية». ورجح التقرير «بقاء قطر محصنة جيداً في حال تعرض الاقتصاد العالمي لانكماش كبير، وعلى رغم أن تراجع أسعار الطاقة قد يعني أن تقلص فوائض الحساب الجاري والفوائض المالية، إلا أنه ستكون لدى الدولة موارد مالية كافية لتنفيذ برنامجها الاستثماري الطموح، ما سيقود إلى نمو يتجاوز 10 في المئة في القطاع غير النفطي، مع إبقاء التضخم في المنطقة الموجبة».