اهتزت الأرضية التي كانت تدعم أسهم المضاربة في سوق الأسهم السعودية هذا الأسبوع، بعدما أطلقت هيئة السوق المالية استطلاعين للرأي في شأن قرارات من شأنها كبح جماح المضاربين في أكبر سوق للأسهم بالشرق الأوسط. وبدأت الهيئة (الأحد) الماضي استطلاع الآراء في شأن قواعد جديدة مقترحة للتعامل مع الشركات التي تتجاوز خسائرها 50 في المئة من رأس المال، فيما قدمت السوق السعودية اقتراحاً بتعديل آلية احتساب سعر الإغلاق لتكون وفقاً لمتوسط سعر الصفقات، وليس بحسب سعر آخر صفقة المعمول به حالياً. ويرى خبراء ومحللون أن تلك الخطوات ستعمل على زيادة الشفافية والثقة في السوق، وترفع مستوى حماية المستثمرين من التلاعبات والمضاربات، كما ستعمل على الفصل بين الشركات ذات الأداء القوي والأخرى الضعيفة. ويسيطر المتعاملون الأفراد على 93 في المئة من التداولات اليومية لأكبر سوق في العالم العربي والتي تبلغ قيمتها السوقية نحو 1.5 تريليون ريال (400 بليون دولار). وعقب الإعلان عن القواعد المقترحة اهتزت أسهم المضاربة، فخسر مؤشر قطاع التأمين 12.4 في المئة من قيمته خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتراجعت أسهم 20 شركة تأمين بالنسبة القصوى يوم (الثلثاء) وحده. وهناك ثلاث شركات تأمين وشركة أخرى بالقطاع الزراعي تتجاوز خسائرها المتراكمة 50 في المئة من رأس المال إلى جانب أربع شركات موقوفة بالفعل عن التداول. لكن السوق عموماً لم تتأثر بتلك القرارات، الأمر الذي يشير إلى استحسان المستثمرين لتلك القواعد المقترحة واطمئنانهم إلى أن الإصلاحات ستنعكس إيجاباً على السوق. وخسر المؤشر واحداً في المئة فقط من قيمته منذ يوم (الأحد) وحتى أول من أمس (الأربعاء). وقال مدير صناديق استثمار هشام تفاحة: «البعض يربط تراجع السوق بقرارات هيئة السوق المالية الأخيرة، لكني لا أرى كذلك. من الخطأ الربط بين تلك القرارات والتراجع لأنه يعطي مؤشراً أن ذلك لا يصب في مصلحة المستثمرين، والعكس هو الصحيح، لأن الهدف هو زيادة كفاءة السوق وترسيخ مبدأ الاستثمار طويل الأجل وخفض نزعة مخاطر المضاربة». ورأى تفاحة أن المستويات الحالية للسوق باتت مغرية للشراء، خصوصاً عند الاقتراب من الحاجز النفسي الواقع عند 7100 نقطة. وأضاف: «احتمال الارتداد كبير جداً إذا ما أخذنا في الاعتبار تأخر السوق السعودية في اللحاق بركب الأسواق الإقليمية والعالمية التي تشهد اندفاعاً إيجابياً من المستثمرين». من جهته، رأى رئيس الأبحاث والمشورة لدى «البلاد للاستثمار» تركي فدعق أن التراجعات التي شهدتها السوق هذا الأسبوع تعود إلى أسباب من بينها مخاوف المستثمرين في شأن قرارات هيئة السوق المالية، الأمر الذي تسبب في عمليات جني أرباح يراها مفيدة على المديين المتوسط والبعيد. وقال فدعق: «جزء كبير من المستثمرين الأفراد يركز على قطاع التأمين الذي يضم ثلاث شركات تتجاوز خسائرها 50 في المئة من رأس المال، لكن مع ذلك لم يكن للشركات التي تراجعت تأثير قوي لصغر وزنها على المؤشر». ويضيف: «السوق استوعبت تلك المخاوف بالفعل وجني الأرباح على المديين المتوسط والبعيد أمر إيجابي للسوق وسيدفعها لزخم أكبر»، متوقعاً مساراً أفقياً مائلاً للصعود يدور بين 7050 و7240 نقطة خلال تداولات الأسبوع المقبل. فيما قال تفاحة: «في أضعف الأحوال سيرتد المؤشر إلى 7200 - 7250 نقطة خلال الأيام المقبلة، ولا تزال النظرة بأن القيمة العادلة لمؤشر السوق هي 8000 - 8200 نقطة على المدى المتوسط». وأشار إلى أن سعر النفط سيكون العامل الرئيس والمهم الذي ستتركز عليه الأنظار، موضحاً أن إيرادات النفط تمثل قرابة 44 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقرابة 92 في المئة من الإيرادات الحكومية للمملكة. ولفت إلى أنه على رغم القلق في شأن أسعار النفط لا تزال هناك قطاعات عدة في السوق جذابة للشراء، خصوصاً المعتمدة على الطلب المحلي مثل الاتصالات والأسمنت والتجزئة والصناعات الغذائية والتشييد والبناء، لافتاً إلى وجود نحو 47 شركة ارتفعت أسهمها بأكثر من عشرة في المئة منذ بداية العام مقارنة بصعود المؤشر إجمالاً خمسة في المئة. وأكد أن السوق ما زالت مقومة بأقل من قيمتها عند مكرر ربحية نحو 14 مرة، لذلك هناك مجال لارتداد المؤشر.