راهن منتجو السلع السويسرية الفاخرة على آسيا، خصوصاً صناع الساعات، لإنعاش صادراتهم في السنوات الأخيرة. لكن ما يحصل في الصين، التي تُعتبر المستورد الحيوي للسلع الغربية الفاخرة بين كل الدول الآسيوية، لا يبشر بالخير. إذ تشنّ حكومة بكين منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حملة واسعة ضد الفساد والهدايا الباهظة الثمن والسلع الفاخرة. وبذلك تُعدّ صناعة الساعات السويسرية المتضررة الأولى من هذه الإجراءات غير المبررة غربياً، بعدما كانت الدول الغربية المساهمة الأولى في إعادة إعمار البنية التحتية في الصين، التي تعمل لحسابها الخاص. إذ تراجعت صادرات الساعات السويسرية الفاخرة إلى الصين 26 في المئة، وإلى هونغ كونغ 9 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، علماً أن 30 في المئة من الساعات الفاخرة المنتجة في سويسرا ولا يقلّ سعرها عن مئة ألف فرنك سويسري، تُباع في كل من الصين وهونغ كونغ. وسيكون للبرودة الاستهلاكية في الصين أثر في مصير بعض العلامات التجارية السويسرية الفاخرة في الشهور المقبلة. وحتى الآن، أقفلت شركة الساعات السويسرية الفاخرة «أودمارس بيغي» ستة متاجر من أصل 22 في الصين. إذ يشعر الأغنياء الصينيون الذين تضاعف عددهم في السنوات الأخيرة، بأنهم مراقبون، ما يضطرهم إلى السفر للإنفاق بحرية. ويشير خبراء، إلى أن حركة الإنفاق في الخارج زادت 33 في المئة، ما يعني أن شراء السلع الفاخرة الغربية ومنها السويسرية، لم يعد مرغوباً في الصين، بسبب ضغوط تمارسها بكين على الطبقات الاستهلاكية الغنية. ويتواجد في الصين وتايوان وهونغ كونغ 450 متجراً لبيع الساعات السويسرية الفاخرة، لكن تفادي الأغنياء الآسيويين شراء هذه الساعات في أسواقهم الوطنية هرباً من أي رقابة حكومية على حركة إنفاقهم وأموالهم، أفضى إلى شلل تجارة علامات سويسرية معروفة عالمياً، مثل «روليكس» و»كارتييه». ولم يقتصر تراجع المبيعات على الساعات السويسرية الفاخرة في الأسواق الآسيوية الرئيسة، بل انسحب على شركات أوروبية أخرى منتجة للمجوهرات والسيارات الفاخرة، وهي تتجه إلى إيجاد بدائل تجارية لها يصفها كثر بالصعبة. في المقابل، ثمة شركات سويسرية وأوروبية تستفيد من الصعاب المالية التي يتعرض لها منتجو السلع الفاخرة الأوروبية والسويسرية، مثل مجموعة «سواتش» المتواجدة في الصين، وهي تنتج ساعات ترضي الطبقات الاستهلاكية الصغيرة والمتوسطة. وزادت مبيعاتها منذ مطلع السنة في السوق الصينية وحدها بنسبة 15 في المئة، وفي منطقة آسيا - الباسيفيك بنسبة 30 في المئة. وتوقع مراقبون، أن تنمو صناعة الساعات السويسرية على أنواعها بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المئة هذه السنة. لكن الساعات الفاخرة تفضل حالياً الابتعاد من الأسواق الآسيوية، للتركيز أكثر على مناطق جغرافية أخرى مقبولة وواعدة، مثل أوروبا الشرقية ومنطقة الخليج العربي والعراق.