بات افتتاح شركة سويسرية لصناعة الساعات، تستقطب أسعار منتجاتها الطبقات الاستهلاكية الوسطى، أمراً معقداً لا يغري المستثمرين السويسريين. إذ كانوا قادرين حتى عام 2003، على السيطرة على أعمالهم في شكل مستقل، فيما يتخلّصون اليوم منها تفادياً لقدر تجاري مجهول يقلقهم. في الواقع، انتعشت أعمال صنّاع الساعات الصغار في العقدين الماضيين، والتي انطلقت من مخطط تجاري «متواضع» تطلّب منهم شراء المعدّات والماكينات الضرورية، بالتعاون مع شبكة من المجهزين، ولم يعد كافياً اليوم لتحقيق الأرباح المنشودة. وعزا محللون تراجع أعمال صناع الساعات الصغار، إلى سببين يتمثلان في ارتفاع تكاليف المعدّات المطلوبة لصناعة الساعات، وفي تغيرات جذرية طرأت على النموذج التجاري لصناعة الساعات السويسرية. ما قلب أوضاع تجارة الساعات لمصلحة الصناع الكبار، مثل مجموعة «سواتش» التي لم تسجل أي أزمة مالية. ولاحظ المحللون، أن قلق الصناعيين الصغار في القطاع، مثل «اف سي» و «لويس ايرارد»، لا يعني انهيار أعمالهم بل يعكس خوفاً على مستقبلهم، لأن نمو أعمالهم لم يتخط 5 في المئة في العامين الأخيرين، أي أن معدل العائدات السنوية لكل واحد منهم لم يقفز أكثر من 11 مليون فرنك سويسري سنوياً، مع مبيعات لم تتجاوز 20 ألف ساعة سنوياً. وأكد خبراء أسواق الساعات الدولية، أن مضاربات صناع الساعات الكبار على الصناعات الصغيرة لا تترك لهم المجال اليوم للمضي في أعمالهم من دون إحداث أضرار جسيمة. يُذكر أن الصناع الصغار ينجحون في تسويق ساعات لا يتجاوز سعرها 600 دولار، أي أنه يلائم الطبقات الاستهلاكية الوسطى. في حين ينجح صناع الساعات الكبار في تسويق ساعات يتراوح سعرها بين ستة آلاف دولار وثمانية آلاف. وما يدعو إلى الاستغراب، أن صادرات صناع الساعات الكبار، في مقدمهم «سواتش» و «ريتشمون»، في سويسرا، تتخطى 30 في المئة وأحياناً 60 في المئة صادرات الصناع الصغار. وعلى رغم سعي هيئة مكافحة الاحتكار السويسرية «فيكو» إلى ردع الصناع الكبار عن تخطي «الخط الأحمر»، تساعد إمكاناتهم المالية الضخمة، على ولوج الأسواق الدولية لا سيما منها النامية لاستيعاب أسرارها وحاجاتها وتحديداً الطبقات الغنية. وعمل صناع الساعات الكبار على تنمية أعمالهم بنسبة 20 في المئة سنوياً على مدى السنوات الخمس الأخيرة، أي أنهم ينجحون في بيع أكثر من مليون ساعة سنوياً. وفي نظرة إلى أبرز الصناعات الأوروبية مثل صناعة السيارات، يُلاحظ أن قطاع الساعات السويسرية الفاخرة تجاوز قطاع صناعة السيارات الأوروبية، في العائدات، على رغم فرق الأسعار.