سعى البيت الأبيض الاميركي إلى وضع حد للجدل الدائر حول طريقة تعامله مع الهجوم على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية العام الماضي الذي أسفر عن مقتل أربعة أميركيين من بينهم السفير ونشر رسائل البريد الالكتروني المتعلقة بهذه القضية. لكن الوثائق التي نشرت أمس أظهرت كيف أن إدارة الرئيس باراك أوباما قدمت رؤية غير مكتملة إلى المواطن الاميركي عن هذا الهجوم كما قدمت لمحة عن الرقابة التي تفرضها الادارة من خلال النقاش التفصيلي الذي دار بين المسؤولين عبر البريد الالكتروني عن التفاصيل التي يتعين على السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سوزان رايس ابرازها عندما تتحدث في برامج حوارية بعد خمسة أيام من الهجوم على القنصلية الأميركية العام الماضي في ذكرى هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 . ولم يكن في الرسائل التي وقعت تقريباً في 100 صفحة الكثير من النقاط الواجب ان تركز عليها رايس ولم يتم تسريبها من قبل. وكان من بين الرسائل الالكترونية رسالة تؤكد الاتهام الذي ألحق أكبر ضرر وهو أن مسؤولي الادارة الاميركية اسقطوا من النقاط التي تتطرق اليها رايس في حديثها مع البرامج الحوارية ان وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) حذرت من تهديد من تنظيم القاعدة في مدينة بنغازي الواقعة في شرق ليبيا. وأظهرت هذه الرسائل بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية ومسؤولي المخابرات ان نقاط الحديث خضعت لسلسلة من المراجعات بحيث أصبحت خالية من الإشارة إلى أي تحذيرات من هجمات إرهابية قبل مقتل السفير كريس ستيفنز ومعه ثلاثة أميركيين آخرين. ورغم أن نشر هذه الرسائل لم يكن مريحاً بالنسبة للبيت الأبيض الا أنه محاولة لمواجهة شكاوى من الجمهوريين ووسائل الإعلام من أن إدارة أوباما تتكتم الأمر. وجاء نشر الرسائل في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة انتقادات في عدة جبهات بما في ذلك فضيحة تتعلق باستهداف مصلحة ضريبة الدخل لجماعات محافظة بعمليات فحص وتدقيق مشددة. وفي الرسائل التي تخص هجوم بنغازي أثارت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في ذلك الحين مخاوف من الإشارة إلى ان المخابرات حذرت من تهديد يشكله متشددون في شرق ليبيا. وكتبت نولاند تقول إن لديها "مخاوف بالغة" من أن تتيح نقاط الحديث لأعضاء الكونجرس المادة الكافية "للهجوم على وزارة الخارجية لعدم التفاتها لتحذيرات الوكالة (سي.آي.إيه)" بشأن المخاطر في المنطقة. وتم حذف الإشارة إلى هذه النقطة من نقاط الحديث النهائية التي تطرقت إليها رايس في البرامج الحوارية صباح يوم الأحد الموافق 16 سبتمبر أيلول. ويقول الجمهوريون إن النقاط التي تطرقت إليها رايس في حديثها بالبرامج الحوارية كانت محاولة لإظهار أن الهجوم حدث خلال احتجاجات عفوية وليس هجوما مدبرا من جانب متشددين وذلك بقصد حماية أوباما في حملته الانتخابية العام الماضي من أي اتهامات بالضعف في مكافحة الإرهاب. وينفي البيت الأبيض بشدة أي تستر ويؤكد على أن الجدل حول النقاط التي تتطرق لها رايس تركز حول المعلومات الآخذة في التكشف. وقال مسؤولون إن الرسائل جاءت في اطار تبادل معتاد للمراسلات بين الأجهزة الحكومية حول موقف أمني غامض. وقال اريك شولتز المتحدث باسم البيت الأبيض "هذه الرسائل في مجملها توضح أن العملية الجارية بين الأجهزة المختلفة بما في ذلك البيت الأبيض تركز على تقديم الحقائق كما علمناها استنادا إلى أفضل المعلومات التي كانت متاحة في ذلك الوقت وحماية تحقيقات كانت جارية." ولمح مسؤولون أيضا إلى أن نولاند لم تكن الوحيدة التي كانت لديها مخاوف بشأن نقاط الحديث الأصلية. وقال مسؤول مخابرات رفيع إن مايكل موريل نائب مدير سي.آي.إيه كانت لديه مخاوفه التي كانت مماثلة للمسائل التي أثارتها وزارة الخارجية. لكن الوثائق لا تظهر أي رسائل من موريل تتحدث عن تلك المخاوف. بل إن رسالة من رئيسه مدير سي.آي.إيه في ذلك الوقت ديفيد بتريوس أشارت إلى أنه يشعر بأن نقاط الحديث خففت بشكل زائد عن الحد. وأصبحت رايس الضحية بين كبار المسؤولين السياسيين في الجدل الذي كان يدور حول هجوم بنغازي. وسحبت اسمها من الترشح لتولي وزارة الخارجية خلفا لهيلاري كلينتون بسبب الجدل الذي أثارته بعد حديثها في البرامج الحوارية يوم 16 سبتمبر. وقال مسؤولون بالإدارة إن الرسائل أظهرت أن نقاط الحديث استندت إلى معلومات مخابراتية وافقت عليها وكالة المخابرات المركزية الأميركية وكانت تهدف إلى تجنب إصدار أحكام مسبقة على نتيجة تحقيق كان يجريه مكتب التحقيقات الاتحادي في هجوم بنغازي.