رسم خلط الأوراق الذي تسبب به أمس اتفاق «تيار المستقبل» و «القوات اللبنانية» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» على قانون مختلط للانتخاب يجمع بين النظامين النسبي والأكثري، مساراً جديداً للعلاقات بين القوى السياسية المختلفة، وأدى الى تأجيل الجلسة النيابية التي كانت مقررة امس، لمصلحة البحث في هذا المشروع الذي يحظى بأكثرية نيابية، فضلاً عن أنه نسف مشروع «اللقاء الأرثوذكسي» الذي كان ينوي رئيس البرلمان نبيه بري طرحه على التصويت خلال الجلسة بتأييد من السواد الأعظم من نواب «8 آذار» و «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي الذي يتزعمه العماد ميشال عون و «حزب الكتائب» و «القوات اللبنانية»، قبل أن تنضم الأخيرة الى صيغة القانون المختلط. وشن عون، أكثر المتحمسين ل «الأرثوذكسي» الذي يقضي بتصويت ناخبي كل مذهب لنوابهم على النظام النسبي وفي لبنان دائرة واحدة، حملة على «فريق من مؤيدي مشروع الأرثوذكسي نكث بالوعود المقطوعة وأسقط أهم قانون بالنسبة الى المسيحيين»، قاصداً بذلك «القوات اللبنانية»، فرد عليه رئيسها سمير جعجع، الذي قال إنه «لم يكن من أمل للأرثوذكسي أن يصل الى مطرح ولولا ذلك لما كان اجتماع البطريركية المارونية للقيادات المسيحية أقر تعليق العمل بالأرثوذكسي لنذهب نحو مشروع توافقي». ونفى جعجع أن يكون أعطى وعوداً لأحد. وإذ اعتبر جعجع أنه باتفاقه مع رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري على القانون المختلط حال دون أن يصبح قانون الستين النافذ حالياً والمرفوض من القيادات المسيحية وقوى أخرى، نافذاً، رأت الأمانة العامة لقوى 14 آذار أن التوافق على القانون المختلط «انتصار» لهذه القوى. لكن حزب الكتائب ظل على تحفظه عن المختلط وفق ما أعلن منسق اللجنة المركزية للحزب النائب سامي الجميل في المجلس النيابي أمس، ما أفقد المشروع الجديد إجماع هذه القوى عليه، من دون أن يفقده الأكثرية. والتقط الرئيس بري هذا التحول، الذي قال جعجع إن «طريق الوصول إليه كانت شاقة» فيما قدم الحريري تنازلات عدة لإنجازه، فأقرن تأجيله الجلسة، لفقدان نصابها، بإحياء «لجنة التواصل النيابية» التي كانت كُلفت سابقاً الوصول الى قانون توافقي من دون أن تتمكن من ذلك، لكن لتنعقد هذه المرة برئاسته، خلافاً لاجتماعاتها السابقة، فعقدت اجتماعين لدراسة المشروع خُصص المسائي منهما للبحث في تفاصيل التوزيع الذي يتضمنه ل68 نائباً على النظام الأكثري وللدوائر المخصصة لهذا النظام الاقتراعي (26 قضاء)، ول60 نائباً على النظام النسبي وللدوائر المخصصة له (6 محافظات). وعلمت «الحياة» أن حزب «الكتائب» أبلغ حلفاءه في قوى «14 آذار» أنه لا يستطيع الموافقة على المشروع المختلط الجديد، لكنه لا يريد عرقلة عمل هؤلاء الحلفاء. وينتظر أن يطلب النائب الجميل، العضو في لجنة التواصل، إدخال تعديلات على المشروع، خصوصاً أن «الكتائب» يفضل أن يكون عدد الدوائر المصغرة على النظام الأكثري أكثر من 26 قضاء، التي هي التقسيمات نفسها التي نص عليها قانون الستين (سبق أن تقدم بمشروع يقترح 39 دائرة) وأن يكون عدد المحافظات على النظام النسبي 9 بدلاً من 6، هذا فضلاً عن تحفظ الحزب على تقسيم المشروع الجديد جبل لبنان الى محافظتين في النسبي، ويقضي بجعل قضاءي الشوف وعاليه - أي ثلث الجبل - محافظة، و4 أقضية هي المتنان الجنوبي والشمالي وكسروان وجبيل، أي ثلثا جبل لبنان، محافظة. وأشارت مصادر كتائبية الى أن هناك تعديلات أخرى سيقترحها الحزب، نظراً الى غياب وحدة المعايير في توزيع الدوائر وعدد النواب على النظامين النسبي والأكثري و «غلبة الاستنسابية»، بحيث يعرّض المشروع للطعن أمام المجلس الدستوري. لكن نواب الحزب لن يصوتوا ضد المشروع وسيكتفون بطرح التعديلات والتصويت لمصلحتها «فإذا نالت الأكثرية كان به وإذا سقطت نكون طرحنا رأينا». وأكدت مصادر نيابية أن ترؤس بري «لجنة التواصل» يؤشر الى نيته استعجال التوصل الى اتفاق قبل 19 الشهر الجاري، تاريخ انتهاء تعليق المهل للترشح للانتخابات وفق القانون الحالي النافذ، أي قانون الستين (قانون الدوحة)، ولأن عدم إنجاز القانون البديل سيفرض قانونياً إعادة تقديم المرشحين للانتخابات طلباتهم وفق الستين الذي ترفضه قوى «8 آذار»، وهو لهذا السبب سيستعجل إنجاز عمل اللجنة المصغرة للعودة الى الجلسة العامة يوم غد الجمعة لحسم التصويت على المشروع الذي يحظى بالأكثرية. ويفرض خلط الأوراق الذي حصل مراجعة الحسابات من قبل قوى «8 آذار»، خصوصاً أن إقرار القانون سيعيد البحث بعملية تشكيل الحكومة، إذ كان الرئيس المكلف تمام سلام أخّر الإقدام على عرض تشكيلته الحكومية في انتظار الجلسة النيابية، هذا فضلاً عن أن إقرار قانون الانتخاب الجديد إذا نجح سيفرض طرح مدة تأجيل الانتخابات النيابية التي تتباين مواقف الفرقاء منها ويتجنب أي من قوى «8 آذار» أو «14 آذار» اقتراح المدة المطلوبة للتأجيل.