أختم سلسلة هذه المقالات عن استثمار الأوقاف وتنميتها بِحثْ الجهات التشريعية على وضع النظم التي تحفظ الأوقاف وتنميها، وتوسع نشاطاتها، وتمكن من إسهام الناس فيها، مع إحكام الرقابة التي تتابع تطبيق الضوابط الموضوعة للاستثمار وحث الواقفين على وقف أنفس الأموال لما يحققه من دوام الوقف واستمراره وأن يضمن الواقفون أوقافهم شرط الاستثمار، لما لذلك من أثر في تنمية الأوقاف. واللافت للانتباه إليه أن تطوير شروط الواقفين ونمذجة الوثائق الوقفية يُمكنان من توسيع مصارف الوقف؛ إذ قد ينبه الباحثون إلى إحياء المندثر من الأوقاف من دون التأكيد على تصحيح وثائق الأوقاف الجديدة عند ابتداء وقفها، علماً بأن تصحيح ذلك يحقق نفعاً كبيراً للواقف والوقف والموقوف عليهم. مع التأكيد على توسيع صور الموقوفات، وصور الاستثمارات ووسائل تمويلها. وتنويع أشكال الأوقاف التي يحتاجها المجتمع: كالوقف على دور التعليم ومعاهد التقنية والمؤسسات البحثية ومراكز الإعلام وقنواته الجادة النافعة والمستشفيات والمصانع والمعامل وغيرها مما تزداد الحاجة إليه، وهذا كله يسهم في نهضة الأمة وتعليم أفرادها وقضاء حوائجهم، كما يحقق مساعدة دائمة للمحتاجين من طريق إحداث فرص عمل متنوعة. ويُؤكد أيضاً على توسيع الصور المعاصرة لاستثمار الوقف وفتح الباب للصيغ ذات الجدوى الاقتصادية الأكثر ملاءمةً كاستثماره بالمشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك لمؤسسة الوقف وذلك بشراء الوقف نصيب شريكه الممول. وكذا يجب الإفادة من صور الوقف الجماعي والمشاع عبر وقف الأسهم في الشركات، سواء من خلال المشاركة في إنشائها أم تملكها بعد إنشائها وقيامها أم من طريق المضاربة في صناديق تتولى ذلك، باستثناء الصناديق ذات المخاطرة المرتفعة. كما يمكن الاستفادة من الصناديق الاستثمارية لتكون أوعية وقفية، سواء من خلال إنشاء هذه الصناديق الوقفية أم باعتبارها وسيلة تستثمر فيها أموال الوقف أم استثمار الوقف بمشاركته لغيره بالإنتاج والمضاربة بالأصول الثابتة أم عبر الإجارة التمويلية أم من خلال المرابحة للآمر بالشراء أم البيع بالتقسيط أم السلم وغيرها من صيغ الاستثمار. ومما يوصى به هنا إيجاد أجهزة رقابية للمؤسسة الوقفية تكون ذات قدرة عالية من جهة درايتها، ومن جهة سلطتها ليحصل بها تحقيق الضوابط التي ترسمها المؤسسة الوقفية. والتأكيد على إخضاع أية عملية استثمارية لدراسات وافية للجدوى، وإتباعها كذلك بتقويم دوري لتلك العملية الاستثمارية. وتفعيل الحوافز للمشاركين في استثمار الأوقاف، وذلك من طريق تحديد أجور العاملين وتطوير ذلك في شكل يسهم في دعم الاستثمار الوقفي. كما يقترح أن تقوم الجهات التشريعية برسم العقوبات الرادعة لمن يقوم بالاعتداء على الأوقاف أو استثماراتها القائمة. ولا بد من السعي الجاد إلى تطوير وسائل رعاية الأوقاف وتنميتها وإعداد الدراسات اللازمة لذلك ودعم البحوث والدراسات التي تعتني بالجانب التطبيقي وحث الباحثين على الإسهام في علاج كثير من قضايا استثمار الأوقاف. وفي الختام لا بد من إبراز الصور الناجحة من الاستثمارات الوقفية، التي يحقق نشرها دعماً من خلال دعوة وحث عدد كبير من الواقفين لإقامة مثلها أو المساهمة في إنشائها، بعد اطلاعهم على آثارها الحميدة وثمارها المباركة. * محامي ومستشار قانوني. [email protected] @a.sgaih