تبادل طرفا اللجنة الأمنية المشتركة بين دولتي السودان وجنوب السودان برئاسة مسؤولي الاستخبارات في البلدين شكاوى واتهامات في ما يتعلق بدعم وإيواء جماعات وحركات مسلحة مناهضة للنظامين، واتفقا على تسوية الأمر عبر الحوار والقنوات الرسمية. وأعلنت الآلية السياسية - الأمنية المشتركة بين السودان وجنوب السودان أنها وضعت حلولاً للترتيبات الأمنية واتهامات بدعم وإيواء جماعات مسلحة وأن «روحاً من الجدية» سادت اجتماعاتها التي عقدت في الخرطوم. وقال مقرر الآلية معز فاروق في مؤتمر صحافي عقب اجتماع أمس إن الطرفين سيواصلان نقاش الترتيبات الأمنية في جوبا في 22 أيار (مايو) الجاري. لكن مصادر قريبة من المحادثات التي استمرت يومين في الخرطوم قالت إنها «كانت متعثرة» وتوقعت تدخل الوساطة الأفريقية لتقريب مواقف الطرفين. وسلم مفاوضو كل طرف لائحة تحمل شكاوى واتهامات تفصيلية عن دعم مالي وعسكري لمجموعات معارضة مسلحة في مناطق محددة، وتبادلا ردوداً في شأن الاتهامات. وعُلم أن الجانبين أقرا تطبيق اتفاقهما السابق بعدم إيواء ودعم أية جماعات مسلحة وتبادل المعلومات في هذا الشأن ورفع أية اتهامات إلى اللجنة المشتركة لمعالجتها وطرحها على الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت في حال فشل اللجنة. وكان جهاز الأمن السوداني جدد قبل يومين اتهامات لجنوب السودان بدعم الحركات المتمردة، وردت جوبا على اتهامات الخرطوم لها بدعم متمردي «الجبهة الثورية» معتبرة أنها محاولة لطمس دماء زعيم قبيلة دينكا - نقوك الأفريقية الذي اغتيل أخيراً في منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين. إلى ذلك، أعلنت مجموعة منشقة عن «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور كانت وقعت اتفاق سلام مع الحكومة السودانية في الدوحة أن قواتها خاضت أمس معارك ضد الحركة الأم بزعامة جبريل إبراهيم وكبدتها «خسائر فادحة في الأرواح والمعدات»، رداً على اغتيال قائدها محمد بشر ونائبه أركو ضحية وعدد من عناصرها. وقال المستشار السياسي للمجموعة المنشقة نهار عثمان نهار إن الحركة «بدأت عمليات ملاحقة واسعة للمتمردين الذين قاموا بتنفيذ مكمن غادر راح ضحيته بشر وعدد من معاونيه». وأضاف أنه تم أسر حوالى ثلاثين شخصاً من وفد مجموعته في المكمن الذي نفذه فصيل جبريل إبراهيم. واعتبر أن «هذه العملية الإجرامية هدفها تقليل فرص السلام والاستقرار في دارفور، غير أن حركتنا حريصة على الاستمرار في السلام مع الحكومة السودانية لتعزيز أمن دارفور»، مشيراً إلى أن اتصالات تمت مع الوساطة القطرية والحكومة السودانية والحكومة التشادية والأممالمتحدة لإطلاعهم على آخر التطورات. وقدم السودان أمس شكوى إلى مجلس الأمن في شأن الهجوم الذي راح ضحيته بشر وضحية وخمسة آخرون من أعضاء فصيله. وذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية أن الرسالة التي بعث بها سفير السودان لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج اعتبرت الهجوم مثالاً على رفض الحركة التوصل إلى تسوية سياسية من طريق التفاوض مع الحكومة، وأنه «كلما كانت هناك خطوات ناجحة باتجاه السلام وضعت هذه الحركة العقبات والعراقيل أمام السلام». وطالبت مجلس الأمن بإدانة هذه الجريمة وفرض عقوبات على منفذيها. وفي الدوحة، دانت الوساطة القطرية - الأفريقية - الدولية في شدة «الهجوم الإجرامي» الذي أدى إلى اغتيال بشر، ودعت المجتمع الدولي إلى «اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمنع وقوع مثل هذه الجرائم وضمان مثول مرتكبيها أمام العدالة». وطالبت في بيان تلاه أمس في الدوحة نائب رئيس الوزراء القطري أحمد بن عبدالله آل محمود والممثل الخاص المشترك للاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة في دارفور محمد بن شمباس، بإطلاق سراح أعضاء الحركة المختطفين فوراً. ورأت أن الاغتيال هدفه «إعاقة التقدم الكبير الذي تم إحرازه من قبل الأطراف والشركاء الدوليين». وطالبت «كل الأطراف المتحاربة في النزاع، خصوصاً الأطراف غير الموقعة على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، بالكف عن القيام بأي أعمال عدائية والالتزام بمبدأ الحل السلمي للنزاع وفقاً للطموحات الحقيقية لأهل دارفور والمصالح المشروعة». ودانت الجامعة العربية في بيان أمس «اغتيال محمد بشر وعدد من رفاقه الذين تبنوا السلام كخيار استراتيجي وانضموا إلى مسيرة عملية السلام». وأردفت أن «اغتيال تلك القيادات يمثل عملاً إرهابياً دنيئاً ويشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، كما أنه يعد محاولة في حقيقة الأمر للنيل من الجهود الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار فضلاً عن أنه يشكل محاولة لاغتيال السلام وتهديداً لمسيرته». وطالبت الجامعة «بملاحقة ومعاقبة» مرتكبي عملية الاغتيال وناشدت «الحركات المسلحة غير الموقعة على وثيقة الدوحة لسلام دارفور نبذ العنف والاحتكام إلى العقل من خلال الانضمام إلى مسيرة السلام والمساهمة بالتالي في عملية إعادة الإعمار والتنمية».