هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    خطيب المسجد الحرام: ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي مِمَّا يُفسد العلاقات ويقطع حِبَال الوُدِّ    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    إطلالة على الزمن القديم    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاتلان
نشر في الحياة يوم 14 - 05 - 2013

كتب هيمنقواي قصته القصيرة «القاتلان» عندما كان في إسبانيا في غرفته الفندقية. لم تُعدل هذه القصة منذ أن كُتبت.
فُتح باب مطعم هنري ودخل رجلان وجلسا على المنضدة، سألهم جورج: «ماذا تريدون من الطعام؟»
قال أحد الرجلين: «لا أعلم؛ ماذا تريد أن تأكل يا آي؟»
قال آي: لا أعلم؛ لا أعلم ماذا أريد أن آكل».
حلّ الظلام في الخارج وأُضيئت المصابيح خارج النافذة، أخذ أحد الرجلين الجالسين أمام المنضدة يقرأ قائمة الطعام بينما كان نِك آدامز يراقبهما من الجهة الأخرى من المنضدة، لقد كان يتحدث مع جورج عند دخولهما.
«أريد لحماً مقدداً مع صلصة التفاح وبطاطس مهروسة»
قال الرجل الأول: «لم يجهز بعد»، «لماذا بحق الجحيم وضعته في قائمة الطعام إذاً؟»
«هذا للعشاء»، شرح جورج: «يمكنك أن تطلبه عند السادسة مساء».
نظر جورج إلى الساعة المعلقة على الجدار وراء المنضدة: «إنها الخامسة»
«إنها الخامسة وعشرون دقيقة» قال الرجل الآخر:
«الساعة متقدمة عشرين دقيقة»
«أوه، لتذهب الساعة إلى الجحيم» قال الرجل الأول: «ماذا لديك من الطعام الآن؟»
قال جورج: «أستطيع أن أقدم لك أي نوع من الشطائر. هناك شطيرة البيض مع لحم الخنزير، هناك أيضاً شطيرة البيض مع اللحم المقدد، وشطيرة الكبد مع اللحم المقدد أو شطيرة شريحة اللحم».
«أريد قطع دجاج مع الفاصوليا الخضراء وصلصة كريمة وبطاطس مهروسة»
«هذا الطبق يُقدم للعشاء»
«كل شيء نريده يُقدم للعشاء، هاه؟ هل هذه هي كيفية عملك؟»
«أستطيع أن أقدم لك شطيرة البيض مع اللحم، هناك أيضاً شطيرة البيض مع اللحم المقدد وشطيرة الكبد مع...»
«أريد شطيرة البيض مع لحم الخنزير» قالها الرجل المدعو آي، كان يرتدي قبعة رسمية ومعطفاً أسود زُرِرَ من عند الصدر، كان ذا وجه صغير وأبيض وكانت شفتاه صارمتين، كان يرتدي شالاً وقفازين مصنوعين من الحرير.
«أريد شطيرة البيض مع اللحم المقدد» قالها الرجل الآخر. كان في نفس حجم آي، وجوههما كانت تختلف لكن ملابسهما كانت متطابقة، كلاهما كانا يرتديان معاطف أصغر من مقاسهما، كانا متكئين على المنضدة.
«هل لديك مشروب؟» سأل آي
«لدينا بيرة وشراب الزنجبيل» قال جورج
«كنت أقصد شيئاً للشرب؟»
«فقط هذه المشروبات التي ذكرتها»
«هذه مدينة حارة» قال الرجل الآخر: «ما اسمها؟»
«تدعى سَمِت»
سأل آي رفيقه: «هل سمعت بها من قبل؟»
رد رفيقه قائلاً: «لا»
«ماذا يفعلون هنا في الأمسيات؟» سأل آي
«يأكلون العشاء» رد رفيقه «جميعهم يأتون هنا لأكل العشاء المهم»
«هذا صحيح» رد جورج
«إذاً أنت تعتقد أن هذا صحيح؟» قال آي لجورج
«بالطبع»
«أنت فتى نبيه، أليس كذلك؟»
«بالطبع» رد جورج
«حسناً، أنت لست نبيهاً» قال الرجل الآخر «أليس كذلك آي؟»
«إنه أحمق» رد آي ثم التفت إلى نِك «ما هو اسمك؟»
«آدامز»
فتى نبيه آخر قال آي: «أليس كذلك ماكس؟»
«هذه المدينة مليئة بالصبيان النبيهين» رد ماكس
وضع جورج الطبقين على المنضدة، ووضع طبقين جانبيين مليئين بالبطاطس المقلية وأغلق الباب المؤدي إلى المطبخ
«أي طبق لك؟» سأل آي
«ألا تتذكر؟»
«لحم الخنزير والبيض»
«يا لك من صبي نبيه!» قال ماكس ثم مال إلى الأمام وأخذ شطيرة لحم الخنزير والبيض. كلا الرجلين أكلا دون أن يخلعا قفازيهما، شاهدهما جورج وهما يأكلان.
«ما الذي تنظر إليه؟» قال ماكس وهو ينظر إلى جورج
«لا شيء».
«بحق الجحيم! لقد كنت تنظر إليّ»
«ربما لم يكن يقصد شيئاً يا ماكس» قال آي
ضحك جورج
«لم يكن يجب أن تضحك» قال ماكس «لم يكن يجب أن تضحك إطلاقاً أليس كذلك؟»
«لا بأس» قال جورج
«إذا هو يعتقد بأنه لا بأس في ذلك» قال ماكس ذلك ملتفتاً لآي «إنه يعتقد ألا بأس في ذلك! يا لها من مزحة»
«أوه! إنه مُفكر» قال آي ذلك ومن ثم أكملا طعامهما.
«ما اسم الفتى النبيه الجالس في آخر المنضدة؟» سأل آي ماكس
قال ماكس لنِك «هاي! أيها الفتى النبيه! اذهب إلى الجهة الأخرى من المنضدة مع رفيقك»
قال نِك «ماذا تريد؟»
«لا أريد شيئاً»
«من الأفضل أن تذهب إلى الجهة الأخرى من المنضدة أيها الفتى النبيه» قالها آي ومن ثم ذهب نِك إلى الجهة الأخرى من المنضدة.
سأل جورج: «ماذا تريد؟»
قال آي: «لا شأن لك بذلك، من هناك في المطبخ؟»
«العبد»
«ما الذي تقصده ب(العبد)؟»
«العبد الذي يطبخ»
«أخبره بأن يأتي»
«أين تعتقد بأنك موجود؟»
قال الرجل المدعو ماكس: «نعلم جيداً أين نحن، هل تعتقد بأننا أغبياء؟»
قال آي له: «كلامك سخيف، لماذا بحق الجحيم تتجادل مع هذا الفتى؟ اسمع» قال ذلك موجهاً كلامه لجورج: «أخبر العبد بأن يأتي إلى هنا»
«ما الذي ستفعل به؟»
«لا شيء، استخدم عقلك أيها الفتى النبيه، ما الذي سنفعل بعبد؟»
فتح جورج الباب الصغير المتوجه إلى المطبخ ونادى: «سام، تعال هنا لدقيقة»
فُتح باب المطبخ ودخل العبد قائلاً: «ماذا تريد؟» نظر الرجلان الجالسان على المنضدة إليه.
قال آي: «حسناً أيها العبد، قف مكانك»
كان العبد سام مرتدياً مئزرة، نظر إلى الرجلين الجالسين على المنضدة وقال: «حسناً سيدي»، قام آي من على كرسيه.
قال آي: «سأذهب إلى المطبخ مع العبد والفتى النبيه، هيا أيها العبد ادخل إلى المطبخ، اذهب معه أيها الفتى النبيه». الرجل القصير مشى خلف نِك وسام إلى المطبخ وأغلق الباب خلفهم، جلس المدعو ماكس على المنضدة مقابل جورج ولكن لم ينظر إليه وإنما كان ينظر إلى المرآة خلف المنضدة. مطعم هنري كان في الأصل خمّارة.
قال ماكس: «حسناً أيها الفتى النبيه، لماذا لا تقول شيئاً؟»
«ما الذي يحدث؟»
نادى ماكس: «هاي آي! الفتى النبيه يريد أن يعلم ما الذي يحدث».
جاء صوت آي من المطبخ قائلاً: «لماذا لا تخبره؟»
«ماذا تعتقد أنه يحدث؟»
«لا أعلم»
«ماذا تعتقد؟»
كان ماكس ينظر إلى المرآة طوال وقت تحدثه
«لن أقول»
«هاي آي، الفتى النبيه لا يريد أن يقول ما يعتقده»
قال آي من المطبخ: «أستطيع سماعك جيداً» فتح آي نافذة الطعام الصغيرة بإسنادها على علبة صلصة الطماطم ثم وجّه كلامه إلى جورج: «اسمع أيها الفتى النبيه، قف على مسافة بعيدة نسبياً عن المنضدة، وأنت يا ماكس تحرك قليلاً إلى اليمين»، كان كالمصور الذي ينظم الناس لصورة جماعية.
قال ماكس: «تكلم معي أيها الفتى النبيه، ما الذي تعتقد بأنه سيحدث؟»
لم يتفوه جورج بحرف.
أكمل ماكس قائلاً: «سأخبرك، نحن نخطط في أن نقتل رجلاً سويدياً، هل تعرف رجلاً سويدياً كبيراً يُدعى أول أندرسون؟»
«نعم»
«هو دائماً يأتي إلى هنا ويأكل كل ليلة، أليس كذلك؟»
«أحياناً»
«هو يأتي إلى هنا في السادسة أليس كذلك؟»
«إذاً أتى، نعم»
قال ماكس: «نحن نعلم كل هذا أيها الفتى النبيه. تحدث عن شيء آخر. هل ذهبت يوماً إلى السينما؟»
«من وقت لوقت»
«يجب أن تذهب إلى السينما بشكل أكثر. الأفلام مفيدة لفتى نبيه مثلك»
«لماذا تريدان أن تقتلا أُول أندرسون؟ ما الذي فعله لكما؟»
«لم تكن لديه الفرصة ليفعل أي شيء لنا. هو حتى لم يرنا من قبل»
سُمع صوت آي من المطبخ قائلاً: «وهو سيرانا مرة واحدة فقط»
سأل جورج: «إذاً لماذا تريد قتله؟»
«نحن سنقتله من أجل صديق. فقط لكي نسعد صديقاً لنا أيها الفتى النبيه»
قال آي من المطبخ: «اخرس! أنت تتحدث بكثرة»
«أريد أن أبقي الفتى النبيه متسلياً، أليس كذلك أيها الفتى النبيه؟»
«قال آي: «أنت تتحدث بكثرة. العبد والفتى النبيه اللذان معي متسليان بنفسيهما من دون أية مساعدة مني. ربطتهما مثل فتاتين في الدير»
«أعتقد بأنك كنت تعيش في الدير»
«لن تعلم أبداً»
«كنت تعيش في الدير قبل ذلك. أنت كنت هناك؟»
نظر جورج إلى الساعة
«إذا دخل أي شخص أخبرهم بأن الطباخ مشغول، وإذا أصروا أنهم يريدون الطعام أخبرهم بأنك ستعود بعد حين واذهب واطبخ لهم. هل فهمت ما أقوله أيها الفتى النبيه؟»
قال جورج: «حسناً. ما الذي ستفعله بنا بعد ذلك؟»
رد ماكس: «هذا يعتمد. إنه أحد الأشياء التي لا تعلم ما الذي ستفعله إلا عندما يحين الوقت»
نظر جورج إلى الساعة. كانت الساعة السادسة والربع. فُتح باب الشارع ودخل سائق الحافلة العمومية قائلاً: «مرحباً جورج. هل تستطيع أن تجلب لي العشاء؟»
رد جورج: «سام خرج وسيعود بعد نصف ساعة»
قال السائق: «يجب أن أعود إلى العمل»، نظر جورج إلى الساعة التي كانت تشير إلى السادسة وعشرين دقيقة.
قال ماكس: «كان ذلك جيداً أيها الفتى النبيه. أنت فتى نبيل»
قال آي من المطبخ: «هو يعلم بأنني كنت سأفجر رأسه إذا أخبر زبونه عنا»
قال ماكس: «لا ليس كذلك. الفتى النبيه لطيف. إنه فتى لطيف ويعجبني»
عندما أعلنت الساعة السادسة وخمس وخمسون دقيقة قال جورج: «إنه لن يأتي»
كان هناك رجلان آخران في المطعم. ذهب جورج لصنع شطيرة لحم الخنزير والبيض لرجل أراد أن يأخذها معه. عندما دخل المطبخ، رأى جورج آي جالساً على كرسي بجانب البوابة الصغيرة وقبعته كانت مائلة إلى الخلف وكان هناك مسدس في يده. كان نِك والطبّاخ عائدين وجالسين في الزاوية. صنع جورج الشطيرة وغلّفها وأعطاها للرجل الذي دفع ثمنها وذهب.
قال ماكس: «الفتى النبيه يستطيع أن يفعل أي شيء. يستطيع أن يطبخ وكل شيء. أنتَ ستكون زوجاً جيداً لفتاة محظوظة في المستقبل».
رد جورج قائلا: «نعم؟ أعتقد بأن صديقك أُول أندرسون لن يأتي اليوم»
قال ماكس: «سننتظر عشر دقائق»
راقب ماكس الساعة التي كانت عقاربها تشير إلى السابعة تماماً ثم السابعة وخمس دقائق.
«هيا يا آي» قال ماكس: «من الأفضل أن نذهب. لن يأتي اليوم»
رد آي من المطبخ «لننتظر خمس دقائق»
دخل زبون خلال الدقائق الخمس وشرح له جورج أنه لا يستطيع خدمته لأن الطبّاخ مريض.
«لماذا بحق الجحيم ليس هناك طبّاخ آخر؟ أليس هذا بمطعم؟» قال الزبون ثم خرج
قال ماكس: «هيا، آي»
«الفتيان النبيهان والعبد ماذا عنهم؟»
«دعهم وشأنهم»
«هل أنت متأكد؟»
«أكيد قد انتهينا منهم»
قال آي: «لا يعجبني الوضع. إنه خطر. أنت تكلمت كثيراً»
رد ماكس: «أوه بحق الجحيم. يجب أن نبقى متسليين أليس كذلك؟»
«أنت تتحدث بكثرة على كل حال» رد آي خارجاً من المطبخ وكانت ماسورة البندقية تصدر صوتاً تحت معطفه الضيق. رتب معطفه وقفازيه قائلاً لجورج: «إلى اللقاء أيها الفتى النبيه. أنت محظوظ جداً»
قال ماكس: «هذا صحيح. يجب أن تبدأ بالمقامرة على سباقات الخيل أيها الفتى النبيه»
راقبهما جورج من النافذة وهما يخرجان من الباب ويعبران الشارع بمعطفيهما الضيقين وقبعتيهما الرسميتين كأنهما ممثلان في مسرحية هزلية. ذهب جورج إلى الخلف من خلال الباب الهزاز وفك وثاق نِك والطبّاخ.
قال سام الطباخ: «لا أستطيع التحمل أكثر. لا أستطيع التحمل أكثر»
وقف نِك. كانت هذه أول مرة في حياته كلها يضع منشفة في فمه.
«اخبرني» قال نِك: «ماذا بحق الجحيم...» كان لا يزال يحاول أن يتمالك نفسه
رد جورج: «كانا يريدان قتل أُول أندرسون. كانا سيطلقان عليه النار عندما يأتي للعشاء»
«أُول أندرسون؟»
«نعم»
تحسس الطبّاخ أطراف شفتيه بإبهامه وقال: «هل رحلا؟»
رد جورج: «نعم لقد رحلا»
قال الطبّاخ: «لا يعجبني الوضع. لا يعجبني إطلاقاً»
قال جورج موجهاً حديثه إلى نِك: «اسمع. يجب أن تذهب لترى أُول أندرسون»
«حسناً»
قال سام الطبّاخ: «ينبغي ألا تتدخل في الموضوع. ينبغي أن تبقى خارجاً عن الموضوع»
قال جورج: «لا تذهب إذا كنت لا تريد ذلك»
قال الطباخ: «التدخل في الموضوع لن يفيدك. ابقَ بعيداً عن الموضوع ولا تتدخل»
قال نِك لجورج: «سأذهب لأراه. هل تعلم أين يعيش؟»
أدار الطباخ ظهره قائلاً: «الفتيان الصغار يعلمون دائماً ما يريدون»
قال جورج لنِك: «هو يعيش في غرف هيرسش للإيجار»
«سأذهب إلى هناك»
كان النور الصادر من مصابيح الإنارة يتسلل من خلال أغصان الشجرة العارية. مشى نِك في الطريق المجانب للسيارات والشاحنات حتى وصل إلى طريق جانبي. كان ثالث منزل غرف هيرسش للإيجار. صعد نِك السلالم المؤدية للجرس وقرعه ثم أجابته امرأة.
سألها: «هل أُول أندرسون موجود؟»
«هل تريد أن تراه؟»
«نعم. إذا كان موجوداً»
تبع نِك المرأة وصعد السلالم معها إلى أن وصلت إلى باب غرفة وقرعت الباب.
«من هناك؟»
قالت المرأة مجيبة: «إنه شخص يريد أن يراك يا سيد أندرسون»
«أنا نِك آدامز»
«ادخل»
فتح نِك الباب ودخل إلى الغرفة. كان أُول مستلقياً على السرير بكامل ملابسه، وكان رأسه مستلقياً على مخدتين. كان أُول أندرسون مصارع الوزن الثقيل وكان أطول من السرير. أُول لم ينظر إلى نِك.
سأل أُول: «ما الأمر؟»
قال نِك مجيباً: «كنت في مطعم جورج عندما أتى رجلان وربطانا أنا والطباخ. كانا يريدان أن يقتلاك»
كان الأمر يبدو سخيفاً عندما قالها نِك. أُول أندرسون لم يقل شيئاً.
تابع نِك كلامه: «لقد حبسانا في المطبخ وكانا يخططان أن يطلقا عليك النار عندما تأتي للعشاء»
نظر أُول أندرسون إلى الجدار ولم يقل شيئاً.
«اعتقد جورج أنه من الأفضل أن أذهب إليك وأخبرك»
أجاب أُول أندرسون: «لا أستطيع أن أفعل شيئاً»
«سأصف لك مظهرهما»
أجاب أُول أندرسون: «لا أريد أن أعرف كيف كانا يبدوان». ثم نظر إلى الجدار «شكراً لأنك أتيت وأخبرتني عنهما»
«لا شكر على واجب»، نظر نِك إلى الرجل الكبير على السرير
«ألا تريدني أن أذهب إلى الشرطة وأخبرهم؟»
أجاب أُول أندرسون: «لا. ليس هناك ما يمكننا فعله»
«أليس هناك ما أستطيع أن أفعله؟»
«لا. ليس هناك ما يمكننا فعله»
«ربما كانت فقط مزحة»
«إنها ليست مزحة»
استدار أُول أندرسون نحو الجدار
«الشيء الوحيد هو...» قال أُول أندرسون ناظراً إلى الجدار: «إنني أريد أن أُجبر عقلي على تحريك جسدي والخروج من هنا. إنني هنا منذ الصباح»
«ألا تستطيع أن تهرب من البلدة؟»
أجاب أُول أندرسون: «لا. لقد مللت من الهرب» ثم نظر إلى الجدار
«ليس هناك ما يمكنني أن أفعله الآن»
«ألا تستطيع أن تجد مخرجاً بطريقة ما؟»
أجاب أُول أندرسون بنبرة راكدة: «لا. ليست هناك جدوى. سأجبر عقلي على تحريك جسدي بعد فترة»
قال نِك: «من الأفضل أن أذهب وأرى جورج»
«يا لها من فترة طويلة» قال أُول أندرسون: «شكراً لقدومك»
خرج نِك من الغرفة. خلال إغلاقه الباب رأى أُول أندرسون في كامل لباسه مستلقياً على السرير وينظر إلى الجدار
«لم يغادر غرفته منذ الصباح» قالتها صاحبة الفندق عندما وصل نِك إلى الدور السفلي: «ربما هو ليس في صحة جيدة». قلت له: «سيد أندرسون ينبغي لك أن تذهب إلى نزهة في هذا الجو الخريفي الجميل» ولكنه لم يستمع إليها.
«لا يريد أن يخرج»
قالت المرأة: «أشعر بالأسى لأنه ليس بصحة جيدة. إنه رجل لطيف. لقد كان عضواً في الحلقة، هل كنت تعلم ذلك؟»
«أعلم ذلك»
«لن تتوقع ذلك إلا من خلال وجهه»
كانا يتحدثان وهما واقفان عند باب الشارع «إنه رجل نبيل»
قال نِك: «تصبحين على خير سيدة هرسش»
قالت السيدة: «أنا لست سيدة هرسش. هي تملك المكان ولكنني أعتني لها بالمكان. أنا سيدة بِل»
قال نِك: «حسناً تصبحين على خير سيدة بِل»
أجابته السيدة: «تصبح على خير»
مشى نِك إلى الشارع المظلم حتى وصل إلى مصابيح الإنارة وتعدى الطريق المجانب للسيارات والشاحنات حتى وصل إلى مطعم هنري. كان جورج بالداخل واقفاً عند المنضدة
«هل رأيت أُول؟»
أجابه نِك: «نعم. إنه في غرفته ولا يريد الخروج»
فتح الطباخ باب المطبخ عندما سمع صوت نِك.
«لا أريد حتى سماع ما حدث» قالها الطباخ وأغلق باب المطبخ.
سأل جورج: «هل أخبرته عمّا حدث؟»
«نعم أخبرته ولكنه كان يعلم»
«ماذا سيفعل؟»
«لا شيء»
«سيقتلونه»
«أعتقد بأنهم سيفعلون»
«ربما حدث شيء في شيكاغو عندما كان هناك»
قال نِك: «أعتقد ذلك»
«شيء خطر جداً»
قال نِك: «شيء مريع»
لم يقولا أي شيء بعد ذلك. مسك جورج منشفه وأخذ يمسح المنضدة.
قال نِك: «أتساءل ما الذي فعله؟»
أجابه جورج: «نقض اتفاقاً وخانهم. لهذا السبب هم يقتلونه».
ترجمة: مشاعل الحماد
مراجعة: مهرة العتيبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.