دخلت الأوضاع الملتهبة في اليمن نتيجة تمدُّد الحوثيين في غالبية المحافظات الشمالية والغربية، فصلاً جديداً، باندلاع حرب شوارع ومواجهات عنيفة بينهم وبين مسلحي القبائل الموالية ل «حزب التجمع اليمني للإصلاح» في مدينة إب، الذين احتشدوا لدخولها بعد يومين على انتشار جماعة الحوثيين فيها، وتريد تلك القبائل إجبارهم على الخروج من المدينة. وتلت هذه التطورات إعلان تنظيم «القاعدة» انسحاب عناصره من مدينة العُدين ومديريات مجاورة لها في المحافظة ذاتها، بعدما استولى على المنشآت الأمنية والحكومية في المدينة وأحرق بعضها، في عملية برّرها باستباق تسليم هذه المناطق للحوثيين. وفي مدينة عدن، سقط قتيل وتسعة جرحى خلال تفريق قوات حكومية تظاهرة عقب صلاة الجمعة. وفيما سيطر الحوثيون على القاعدة الجوية في مدينة الحديدة على البحر الأحمر، في سياق إحكام قبضتهم على منشآت المدينة الحيوية، أعلن قائدها استقالته احتجاجاً. وواصل المسلّحون الحوثيون انتشارهم في مدينة ذمار (100 كلم جنوبصنعاء) وسيطروا بالكامل على الطريق التي تربطها بمدينة رداع، حيث يحتشدون لخوض معركة فاصلة في مناطق محافظة البيضاء ضد مسلحي تنظيم «القاعدة». وروى شهود ومصادر أمنية وطبية ل «الحياة»، «أن مئات من المسلحين القبليين الموالين لحزب «الإصلاح» (الإخوان المسلمين) احتشدوا صباح أمس عند المدخل الشمالي لمدينة إب في منطقة السحول، وخاضوا اشتباكات عنيفة للسيطرة على نقطة للحوثيين قبل أن تسقط في أيديهم وتتحوَّل المواجهات إلى حرب شوارع استخدمت فيها المدفعية». وأدت المواجهات إلى قطع الطريق الرئيس بين صنعاء وتعز، وطاول القصف الحوثي إذاعة إب ومنزل مدير شرطة المحافظة فؤاد العطاب، الذي يطالب الحوثيون بإقالته. وأكدت ل «الحياة» مصادر في مستشفى «الثورة» الحكومي في إب، سقوط 19 قتيلاً و27 جريحاً في الاشتباكات. وفي ظل استقدام الجانبين تعزيزات من المقاتلين إلى المدينة، دعا المحافظ يحيى الإرياني «الجماعات المسلحة من أي طرف» إلى «الخروج من المحافظة». وقال إن «محافظة إب لن تقبل بأن تكون مسرحاً لعمليات العنف والاقتتال والفوضى بين الجماعات المسلحة والمتصارعة». وأبدى استعداد السلطات المحلية للحوار مع كل الأطراف شرط ترك السلاح، مؤكداً أن الدولة «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يجري من أعمال تخريبية خارجة على النظام والقانون، وستتخذ كل التدابير التي تراها ضرورية لتثبيت الأمن والاستقرار». وفي حين اتسعت نشاطات «القاعدة» نتيجة التدهور الأمني وتمدُّد الحوثيين في المحافظات اليمنية، أكدت السلطات مقتل عنصر من التنظيم وجرح آخر واعتقال اثنين في عملية دهم نفّذتها قوات أمن ليل الخميس في منطقة عصيفرة في مدينة تعز. كما أكدت تفكيك عبوة وزنها 15 كيلوغراماً عند المدخل الشرقي لمدينة ذمار، كانت تستهدف جماعة الحوثيين. مصادر قبلية قالت ل «الحياة» إن «الحوثيين سيطروا على كل الطريق الممتدة بين ذمار ورداع وانتشروا في التلال الجانبية وبعض المباني الحكومية، لحراسة الطريق من أجل حشودهم المتجهة إلى رداع في محافظة البيضاء، والتي تستهدف مهاجمة معاقل «القاعدة» الرئيسة في منطقة «المناسح» وبلدات قبائل «قيفة». وأفادت «قناة العربية» مساء، أن الحوثيين اقتحموا رداع، وقبلوا باتفاقٍ لسحب جميع المسلحين من مدينة إب. يُذْكر أن مواجهات عنيفة شهدتها رداع بين الحوثيين ومسلحي «القاعدة» في الأيام الثلاثة الماضية، أسفرت عن مقتل عشرين شخصاً من الجانبين إضافة إلى سقوط عشرات الجرحى. إلى ذلك أكد ناشطون في «الحراك الجنوبي» المُطالِب بالانفصال عن الشمال، سقوط قتيل وتسعة جرحى أمس، بعدما أطلقت قوات حكومية ترابط في معسكر «بدر» الرصاص الحي لتفريق تظاهرة حاشدة نُظِّمَت عقب صلاة الجمعة في حي خورمكسر في مدينة عدن. وكان الرئيس السابق علي عبدالله صالح هاجم أول من أمس أمام حشد من أنصاره في صنعاء، «الأغبياء» الذين «يعتذرون للاستعمار البريطاني»، واستعاد مقولته الشهيرة أثناء حربه ضد الانفصاليين الجنوبيين عام 1994 «الوحدة أو الموت».