تجددت الاعتداءات الغادرة على الجيش اللبناني في منطقة عكار (شمال لبنان)، ما ادى الى استشهاد الجندي جمال جان هاشم (19 سنة - مواليد القبيات) بإطلاق نار فجر امس، على حافلة تنقل عسكريين على طريق البيرة. واستتبع الاعتداء باعتداء آخر، وكذلك فجراً، لكن في طرابلس فأُصيب العسكري جمال عاشق بخاصرته بعدما اطلق مجهولون الرصاص على دورية للجيش في منطقة الزاهرية - براد البيسار. وأثار الاعتداءان موجة استنكار عارمة من كل الاطراف السياسيين. وذكر ان الاعتداء الاول جاء نتيجة كمين نصبه مسلحون مجهولون عند مفرق بلدة خربة داود على طريق عام البيرة، وأجرى عناصر من الأدلة الجنائية في الشرطة العسكرية مسحاً لموقع الجريمة. وأوضحت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان ان اعتداء البيرة جرى في الخامسة إلا ربعاً فجراً حيث «تعرضت حافلة ركاب تابعة للجيش تقل عدداً من العسكريين المتوجهين الى مراكز عملهم، لإطلاق نار من قبل مسلحين، ما أدى الى استشهاد أحد العسكريين. وفرضت قوى الجيش طوقاً أمنياً حول مكان الحادث، وباشرت تنفيذ عمليات تفتيش ودهم، بحثاً عن مطلقي النار لتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص». ونعت لاحقاً الجندي هاشم (مواليد 1995 القبيات - عكار) على ان تجرى اليوم مراسم تشييعه في القبيات. وفور انتشار الخبر، قطع أهالي بلدات البيرة والقبيات وعندقت ومنجز ومشتى حمود الطريق الرئيسة بالمعوقات، تضامناً مع الجيش واستنكاراً لاستهدافه من قبل المجموعات الارهابية. وأقفلت المدارس وأُعلن الحداد العام في المنطقة ورفع ستار ترابي على مدخل القبيات. وأكد والد الجندي ان ابنه «شهيد لبنان كله»، داعياً «الدولة الى محاسبة المجرمين خصوصاً انهم معروفون»، مشيراً الى ان «هناك محاولات لضرب التعايش في عكار، لكنها ستفشل لأننا رأينا ردود فعل مستنكرة الحادثة في كل القرى المجاورة». وعقد أهالي القبيات لقاء جامعاً لتنظيم عملية استقبال جثمان هاشم، وأكد رئيس البلدية عبده مخول عبده «الاستنكار الكامل للجريمة المروعة واعتبارها جريمة بحق المؤسسة العسكرية خصوصاً والوطن عموماً»، وأعلن المجتمعون في بيان «ان الجرح القبياتي الأليم يضاف الى الجروح السابقة التي اصابت العديد من قرى وبلدات عكار باستشهاد ابناء لها في المؤسسة العسكرية»، مؤكدين «صيغة العيش الواحد والتمسك بها واعتبار الجريمة دخيلة بأسلوبها وأهدافها على الثوابت العكارية». وطالبوا بتعزيز حضور الجيش بإقامة نقاط تفتيش ثابتة ومتحركة على الطرق الرئيسة، خصوصاً ان الحادثة ليست الاولى التي حصلت اخيراً». حملات دهم وتوقيفات ونفّذ الجيش مداهمات في خراج بلدتي البيرة وخربة داود أوقف خلالها اكثر من 35 سورياً. كما اتخذ تدابير امنية وسيّر دوريات مؤللة وأقام حواجز ثابتة عند مفارق الطرق. وشملت المداهمات منزل الجندي الفار عاطف سعد الدين. وصدر عن عشائر وادي خالد بيان اتهموا فيه «أيادي خفية مجرمة بالوقوف وراء هجمات منسقة ومتكررة على جيشنا الباسل تعبث بأمن لبنان وتضرب السلم الأهلي. ونؤكد وقوفنا الى جانب المؤسسة العسكرية الجامعة لوحدتنا، طالبين ان تضرب بيد من حديد وأن تقطع أذيال الفتنه والرؤوس المتحجرة». وفي طرابلس، استهدف مجهولون بالرصاص دورية للجيش اللبناني - فوج التدخل الاول في منطقة الزاهرية - براد البيسار. وأوضحت قيادة الجيش - مديرية التوجيه، «ان الاعتداء حصل ما بين الساعة 3,55 والساعة 4,45 فجراً، واستهدف الرصاص دوريتين تابعتين للجيش، وجرى إلقاء قنبلة يدوية باتجاه أحد المراكز العسكرية، من دون تسجيل إصابات في الأرواح. وردت قوى الجيش على مصادر النيران، وعملت على ملاحقة المعتدين لتوقيفهم». تحقيقات واعترافات وفي السياق، كشفت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الموقوف ابراهيم بحلق من عرسال، هو المسؤول عن الهجوم على مركز مهنية عرسال (في الثاني من آب الماضي) واعترف بقتله المقدم الشهيد نور الدين الجمل. إدانة وسارع رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة الى ادانة اعتداء عكار على الجيش اللبناني، معزياً «الجيش وأهالي الشمال وبلدة القبيات الجريحة وعائلة الشهيد الذي هو شهيد لبنان وتيار المستقبل»، مطالباً «القوى الامنية باعتقال الفاعلين وإنزال القصاص العادل بهم». وأكد «الوقوف الى جانب الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية في مواجهة الإرهابيين المعتدين على الجيش». واستنكر النائب محمد كبارة «الاعتداءات المتواصلة على الجيش اللبناني، وكان آخرها استشهاد الجندي جمال جان الهاشم من القبيات، وإطلاق النار على دورية في طرابلس»، مشدداً على «ضرورة بذل كل الجهود من الأجهزة الأمنية لكشف المتورطين والجهات التي تقف خلفهم»، داعياً «أبناء طرابلس والشمال الى التحلي بمزيد من الوعي والحكمة لمواجهة كل المؤامرات التي تحاك ضد مناطقهم»، مؤكداً أن «الجيش يبقى المؤسسة الضامنة للوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وخزان أبنائنا الشرفاء الذين يدافعون عن الوطن». واستنكرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار ب «أشد عبارات الاستنكار، الاعتداء الإرهابي على الجيش في عكار والذي يهدف الى إشعال نار الفتنة في الداخل اللبناني». وأكدت وقوفها «خلف مؤسسة الجيش الذي هو الضامن الوحيد لوحدة لبنان، والحامي الشرعي الوحيد لجميع اللبنانيين». وطالبت «الجهات الأمنية باستكمال التحقيقات اللازمة والضرورية من اجل سوق الفاعلين إلى العدالة». ودانت «القوات اللبنانية» - عكار استهداف الجيش باعتداءات «جبانة ومدسوسة»، مؤكدة ان «مواصلة عكار دفع الفاتورة الاكبر من دماء ابنائها من مختلف الطوائف دليل واضح على تمسك ابناء المنطقة بالعيش المشترك ضمن كنف الشرعية ومكافحة كل محاولات زرع الفتنة».