اتهمت ابنة عبدالله السنوسي، رئيس المخابرات خلال عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، السلطات الليبية بمنع والدها من الاتصال بمحام وحرمانه من الزيارات العائلية والرياضة البدنية وشبهت احتجازه «بتعذيب سلبي». وفي غضون ذلك، زادت حدة الأزمة في ليبيا بعد أن قالت جماعات مسلحة تحاصر وزارتين في العاصمة إنها شكلت تحالفاً لتقديم قائمة موسعة من ستة مطالب تشمل استقالة رئيس الوزراء علي زيدان. وكان السنوسي أحد أقوى الشخصيات في نظام القذافي حتى تمكن مقاتلو المعارضة من الإطاحة بالنظام في 2011. وسلمت موريتانيا السنوسي إلى ليبيا في أيلول (سبتمبر) بعدما ألقت القبض عليه وبحوزته جواز سفر مزيفاً من مالي بعد وصوله على متن رحلة قادمة من المغرب. ويعتقد أن السنوسي قام بدور محوري في قتل أكثر من 1200 سجين في سجن أبو سليم في طرابلس عام 1996. وكان اعتقال محام يمثل أقارب الضحايا هو الشرارة التي أشعلت انتفاضة ليبيا في شباط (فبراير) 2011. وناشدت سارة، ابنة السنوسي، السلطات الليبية بالنيابة عن أسرتها منح والدها حق الاتصال بمحام وبأفراد الأسرة. وقالت في رسالة عبر البريد الإكتروني أرسلت إلى وسائل الإعلام «أتساءل عما إذا كان يعقل احتجاز شخص لمدة ثمانية أشهر من دون إشعاره بالتهم المنسوبة إليه، فيما نتحدث عن ضمانات ومحاكمة عادلة». وتابعت «أي ضمانات قانونية ستكفل للسنوسي، إذا كان أبسط حق، ألا وهو الدفاع، لا يحترم وغير مكفول؟» وأضافت «طلبنا، نحن أسرته، من السلطات الليبية مرات عدة زيارته للاطمئنان عليه لكن لم يتم الرد على مطلبنا إلى يومنا هذا». وتابعت ابنة السنوسي «ألا يعتبر هذا تعذيباً سلبياً وقتلاً بطيئاً على مدى فترة زمنية؟» وقال محمد العلاقي رئيس جمعية حقوق الإنسان الليبية إن أي مزاعم سيجري التحقيق فيها بشكل كامل، وإنه لن يتم التهاون مع أي انتهاكات. لكنه قال إن السنوسي لم يتعرض لأي تعذيب منذ اعتقاله. وأبدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في نيسان (أبريل) الماضي قلقها من عدم اتصال السنوسي بمحام أو إبلاغه بالاتهامات الموجهة إليه. وطالبت المنظمة ليبيا بمنح السنوسي الحقوق التي حرم نظام القذافي شعبه منها. وتريد المحكمة الجنائية الدولية محاكمة السنوسي وابن القذافي سيف الإسلام المسجون أيضاً في ليبيا للاشتباه في ارتكابهما جرائم حرب. لكن السلطات في طرابلس تريد محاكمة الاثنين على الأراضي الليبية. ولم تحدد ليبيا متى ستعلن الاتهامات أو تجرى المحاكمات. لكن السلطات الليبية مشغولة الآن بأزمة سببتها محاصرة جماعات مسلحة لوزارات عدة للضغط لتنفيذ مطالب بينها استقالة رئيس الوزراء علي زيدان. وقالت سارة السنوسي «ضمانات المتهم وضمانات المحاكمة العادلة هي المنفذ الوحيد للحقيقة، وهذا لا يمكن أن يتحقق في دولة تحكمها عصابات مسلحة». ويساور نشطاء حقوق الإنسان القلق من أن يؤدي ضعف الحكومة والمعايير القضائية إلى عدم التزام المحاكمات بالمعايير الدولية. وتريد فرنسا أيضاً محاكمة السنوسي فيما يتصل بتفجير طائرة ركاب فوق النيجر عام 1989 في حادث قتل خلاله 54 فرنسياً. في غضون ذلك، زادت حدة الأزمة في ليبيا بعد أن قالت جماعات مسلحة تحاصر وزارتين في العاصمة إنها شكلت تحالفاً لتقديم قائمة موسعة من ستة مطالب تشمل استقالة رئيس الوزراء. وتعهد زيدان الأربعاء بأن تلتزم الحكومة منع كل من شغل منصباً قيادياً في عهد القذافي من تولي منصب عام، وقال إنه يتعين استبدال بعض الوزراء بموجب التشريع الذي صدر الأحد. وفي واقع الأمر يمكن أن يطيح هذا التشريع رئيس الوزراء نفسه لأنه كان ديبلوماسياً خلال حكم القذافي قبل انشقاقه عن النظام عام 1980. وكانت الجماعات المسلحة تطالب في بادئ الأمر بأن يصدر قانون «العزل السياسي» لمنع كبار مسؤولي القذافي من تولي مناصب عامة، وكان يأمل الأعضاء بأن يكون إصدار القانون كافياً كي يرفع المسلحون حصارهم عن الوزارتين. لكن الجماعات المسلحة تمركزت في الموقعين ووسعت من قائمة مطالبها. وتشمل المطالب الإضافية استقالة زيدان، وتجميد موازنة الدولة التي أعلن عنها مؤخراً، والحق في تشكيل لجنة لتولي مسؤولية وزارة الخارجية. لكن زيدان دافع عن الجماعات المسلحة وقال إن من حقها التعبير عن آرائها بالطريقة التي تراها مناسبة. وقال في مؤتمر صحافي «في ليبيا ليس لدينا ميليشيات بل ثوار». كما نفى رئيس الوزراء أن يكون المؤتمر الوطني الليبي قد أذعن لضغط الجماعات المسلحة، وأكد أن القانون الجديد ضروري لحماية مبادئ الثورة، مضيفاً أنه يأمل بأن يقدر العالم الظروف الاستثنائية التي تمر بها ليبيا. وقال إنه لدى تمرير أي قانون تكون هناك بعض الجوانب الإيجابية وبعض الجوانب السلبية ولا بد من قبول السلبيات. ومن ناحية أخرى حذر ائتلاف آخر يقول إنه يؤيد الحكومة الجماعات المتمركزة عند الوزارتين من إنه مستعد لاستخدام القوة لطرد المسلحين عنوة. وهددت الجماعة المسلحين بأنه في حالة عدم تنفيذ المطالب فستشكل قوة وطنية مشتركة من كل المدن الليبية للتعامل مع هذا الوضع. ومن بين أعضاء هذه الجماعة مناصرون للحكم الاتحادي في برقة بشرق البلاد وقادة جماعات مسلحة أخرى في مدن عدة منها بنغازي في الشرق.