فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النخبة السياسية في بلاده، بإقالة نائب رئيس الوزراء ورئيس الديوان الحكومي فلاديسلاف سوركوف الذي اعتبر على مدى سنوات طويلة «مهندس السياسة الداخلية» للكرملين وأحد أبرز رجال الدولة وأكثرهم نفوذاً. ووقع بوتين أمس، مرسوماً خاصاً أعفى فيه سوركوف من مهماته وصلاحياته. وعلى رغم أن القرار الرئاسي حمل عبارة «بناء على رغبته» التي تعد تقليدية في روسيا عند الحديث عن إقالات الشخصيات المقربة من بوتين، فإن التطور أثار نقاشاً قوياً في الأوساط السياسية واعتبره كثيرون بداية ل «مرحلة جديدة ستشهد تشديد قبضة بوتين مباشرة على عمل الحكومة وقد تسفر عن إقالة ديمتري مدفيديف من منصب رئيس الوزراء»، كما قال الخبير في سياسات الكرملين ديمتري اريشكين. وكان سوركوف على مدى سنوات طويلة واحداً من الأعمدة الأساسية للسياسة الداخلية، منذ انتقاله للعمل في الديوان الرئاسي بعد وصول بوتين إلى الكرملين في العام 1999. وقضى سوركوف ست سنوات قبل ذلك متنقلاً بين أضخم المؤسسات المالية المملوكة من قبل حيتان مال بارزين مثل بوريس بيريزوفسكي وفلاديمير غوسينسكي وميخائيل خودوركوفسكي. وشغل منذ العام 2000 منصب نائب رئيس الديوان الرئاسي، ثم عين مساعداً للرئيس في العام 2004، وظل في منصبه حتى انتقل مع مدفيديف من الكرملين إلى الديوان الحكومي في 2011 حيث عين رئيساً للديوان الحكومي ونائباً لرئيس الوزراء، بصلاحيات واسعة لأنه أشرف على عدد من الملفات الحيوية بينها العلاقة مع المؤسسة الاشتراعية في مجال سن القوانين، والإشراف على وسائل الأعمال، وملف الإصلاحات، وقضايا الخدمة في القطاع الحكومي والعلاقة مع الأحزاب والمؤسسات. ويعد سوركوف صاحب نظرية «الديموقراطية السيادية» لروسيا التي تتلخص بالحد من نشاط الأحزاب السياسية وتهميش الأحزاب السياسية الصغيرة. ورفض التدخل الخارجي في العمليات السياسية الجارية في الداخل الروسي. واعتبره كثيرون خلال السنوات الماضية «صانع أيديولوجيات الكرملين» تجاه معارضيه وعلى صعيد التعامل مع مراكز القوة المختلفة في البلاد. وعلى رغم أن الرئاسة الروسية لم تفصح عن أسباب الإقالة المفاجئة، فإن محللين ربطوها، أبرزها انتقاده لجنة التحقيق الروسية وهي أعلى هيئة تحقيق في الدولة تشرف على نشاط المؤسسات الحكومية وتلاحق قضايا الفساد. وكان سوركوف انتقدها بقوة خلال تواجده في لندن أخيراً، بسبب «تراخيها في التعامل مع ملفات فساد» ما أثار استياء واسعاً ودفع رئيس اللجنة إلى الرد بأن «أي وزير بريطاني ينتقد أداء هيئات التحقيق البريطانية وهو خارج البلاد لا يبقى في منصبه طويلاً، وواضح أن لدينا ليبرالية زائدة» . وأشار البعض إلى أن سوركوف ارتكب خطأ جسيماً آخر عندما تصدى لمناقشة بوتين خلال جلسة للحكومة قبل يومين انتقد فيها الرئيس «عدم تنفيذ مراسيم رئاسية في المواعيد المحددة». واعتبر خبراء أن قرار إقالة سوركوف بهذه الطريقة تعكس توجه بوتين إلى إسدال الستار على عهد تميز بصراعات داخل النخب السياسية العليا في البلاد، ومؤشراً إلى أن الرئيس «ينوي التعامل بقسوة مع أي طرف يصيب مطبخ صناعة القرار بخلل». كما حملت الإقالة إشارات إلى استعدادات الكرملين لتقديم كبش فداء في أي وقت إذا دعت الحاجة ما يعني أن إقالة حكومة مدفيديف بسبب «أخطاء في إدارة السياسيات الاقتصادية» لم تعد أمراً مستبعداً. على صعيد آخر، تشهد روسيا اليوم، أوسع احتفالات بمناسبة الذكرى ال68 للنصر على ألمانيا النازية. وأعلن قائد القوات البرية الروسية الجنرال فلاديمير تشيركين أن 24 مدينة روسية ستشهد استعراضات عسكرية في المناسبة سيكون أضخمها العرض التقليدي الذي ينظم في الساحة الحمراء وسط موسكو. ويشارك فيه نحو 12000 جندي من مختلف القطعات العسكرية، وستعرض موسكو أكثر من مئة آلية تابعة لسلاح المشاة، بالإضافة إلى عشرات التقنيات الصاروخية الحديثة. ويشارك سلاح الجو بنحو سبعين مقاتلة حديثة من الطرازات المختلفة مع مروحيات عسكرية متعددة الأغراض.