وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللمسات الاخيرة امس، على تشكيلة فريق الحكم في روسيا للسنوات الست المقبلة، وبعد مرور يوم واحد على تشكيل الوزارة، اتت التعيينات الجديدة في الديوان الرئاسي لتعزز من سيطرة الزعيم الروسي على كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد. وفي نسخة موسعة عن الحدث الذي وقع قبل اربع سنوات عندما غادر بوتين مكتبه في الكرملين حاملاً معه الى رئاسة الوزراء كل الصلاحيات وغالبية اعضاء الفريق المقرب منه، سارع سيد الكرملين بعد عودته الى موقعه لتعزيز سيطرة فريقه المخلص على كل مفاتيح القرار، اذ دلت التعيينات التي أجراها امس الى ان إدارة الرئاسة غدت « حكومة فوق الحكومة» بحسب وصف وسائل اعلام روسية. وشملت التعيينات كل اعضاء فريق بوتين الذين عملوا معه لسنوات طويلة، وأبرزهم سيرغي ايفانوف الذي كان وزيراً للدفاع ونائباً اول لرئيس الحكومة لشؤون التسلح وبات يشغل منصب رئيس الديوان الرئاسي ومعه نائبان من ابرز رجال بوتين هما أليكسي غروموف وفيتشيسلاف فولودين. وحافظ نيكولاي باتروشيف على منصب رئيس مجلس الأمن القومي بينما عين وزير الداخلية السابق رشيد نورغالييف نائباً له. ولا يحظى الاخير بشعبية في روسيا بسبب اتهامه بالتقصير في مكافحة الفساد وبالمسؤولية عن سوء معاملة ناشطي المعارضة. لكنه ليس الوحيد بين الوزراء السابقين الذين أبعدوا عن الحقائب الوزارية ليشغلوا مناصب في الديوان الرئاسي الجديد رغم تدني شعبيتهم واتهام وزاراتهم في السابق بالتقصير. اذ عينت وزيرة التنمية الاقتصادية الفيرا نابيولينا مساعدة للرئيس للشؤون الاقتصادية تاركة مقعد الوزارة لنائبها السابق اندريه بيلوسوف، والأمر ذاته انسحب على وزراء التعليم والمواصلات الموارد الطبيعية والصحة والتطوير الاجتماعي، الذين غدوا مساعدين للرئيس في المجالات المختلفة. ودفعت هذه التعيينات الى وصف الديوان الرئاسي بأنه تحول إلى حكومة اعلى من الوزراء ستكون قادرة على فرض سيطرتها بقوة على كل مفاصل الحياة، خصوصاً ان كل اعضاء فريق بوتين المعينين سيكون لهم تأثير ونفوذ كبيرين لجهة العمر والخبرة وبسبب قربهم المباشر للرئيس، اضافة الى ان الوزراء الذين شغلوا مقاعدهم هم في في الغالب موظفون سابقون عملوا تحت امرتهم. الى ذلك، عاد الناطق السابق باسم رئيس الوزراء ديمتري بيسكوف مع بوتين الى الكرملين ليغدو الناطق باسم الرئيس، كما انتقل معه كل الفريق الاداري والفني في دائرة المعلومات والإعلام والدوائر المختصة الاخرى، في المقابل فقد غالبية موظفي الديوان الرئاسي خلال ولاية الرئيس السابق ديمتري مدفيديف وظائفهم. كما انتقل مع بوتين الى الكرملين مساعده لشؤون السياسة الخارجية يوري اوشاكوف الذي عمل لسنوات سفيراً لروسيا في الولاياتالمتحدة وشغل موقعاً مهماً في الديوان الحكومي خلال تولي بوتين رئاسة الوزراء، اذ عمل على هندسة سياسة الحكومة الخارجية وغدا في التعيينات الجديدة مساعداً للرئيس الجديد ومكلفاً بمهامه السابقة ذاتها. في غضون ذلك، غاب عن التشكيلات الجديدة في الفريق الحاكم ليغزو سيتشين الذي كان من ابرز المقربين لبوتين طوال سنوات وتحول الى شخصية ذات نفوذ واسع جداً بحكم موقعه في الكرملين كمسؤول عن إعداد الوثائق والشؤون الإدارية وشغل في السنوات الأربع الأخيرة منصب نائب أول لرئيس الوزراء. وكان سيتشين من الشخصيات التي استبعد الخبراء ان يعمل في الحكومة الجديدة تحت قيادة مدفيديف بسبب قوته ونفوذه الزائد مثل وزير المال السابق الكيسي كودرين. لكن، وخلافاً لكودرين، توقع كثيرون ان يشغل سيتشين منصباً مهماً في الديوان الرئاسي، وعلى رغم غياب اسمه عن التشكيلات الجديدة، رجح خبراء ان يبرز في موقع مهم آخر على رأس مؤسسة كبرى او جهاز حكومي مهم. الى ذلك، انضم مدفيديف امس رسمياً الى حزب «روسيا الموحدة» الحاكم ليغدو اول رئيس وزراء روسي ينتمي لحزب سياسي. وتسلم الرئيس السابق بطاقة العضوية تحضيراً للمشاركة في مؤتمر الحزب الذي ينعقد غداً الخميس ويتوقع ان يتم خلال اعماله انتخاب مدفيديف رئيساً للحزب الحاكم.