شنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هجوماً لاذعاً على نظيره الاميركي باراك اوباما، واتهمه بانتهاج «سلوك عدائي» تجاه موسكو. واستبق الرئيس الروسي بذلك جولة محادثات ينتظر ان يجريها اليوم في ميلانو مع نظيره الاوكراني بيترو بوروشينكو، بمشاركة فرنسية والمانية. واعتبر بوتين ان العقوبات الغربية على بلاده «تتعارض مع المنطق ولا تخدم هدف دفع التسوية والحوار في اوكرانيا». وقال في حديث الى صحيفة «بوليتيكا» الصربية ان موسكو «سعت دائماً الى علاقات منفتحة وشراكة مع الولاياتالمتحدة، لكننا كنا نصطدم بمحاولات للتدخل في شؤوننا الداخلية». وزاد ان تطورات الاحداث منذ بداية العام «تدعو إلى مزيد من التشاؤم، والرئيس الأميركي وضع في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ما وصفه عدوان روسيا في أوروبا ضمن أبرز 3 تحديات تهدد البشرية إلى جانب وباء إيبولا وتنظيم الدولة الإسلامية»، معتبراً انه لا يمكن وصف موقف اوباما الا بأنه عدائي. ودعا بوتين «الشركاء الغربيين الى أن يدركوا أن محاولات الضغط على روسيا عبر إجراءات أحادية الجانب وغير شرعية لا تساعد في التوصل إلى التسوية بل تزيد الأمور تعقيداً»، معتبراً ان الهدف الذي «وضعه البعض عبر محاولات عزل روسيا واضعافها غير واقعي وعبثي والسعي اليه قد يلحق أضراراً فادحة بالاقتصادين الاوروبي والعالمي». في المقابل، بدت لهجة بوتين اكثر مرونة وهو يتحدث عن آفاق تطور العلاقات الروسية – الاوكرانية، وقال انه على رغم «صعوبة المرحلة فان التعاون المتبادل هو الطريق بعد استقرار الاوضاع نظراً لعمق العلاقة التاريخية بين شعبينا». واضاف بوتين ان «المهمة المطلوبة بإلحاح هي اطلاق حوار شامل بمشاركة كل الاقاليم والقوى السياسية الاوكرانية لبحث النظام الدستوري في البلاد ومستقبل الدولة». ولم يشر بوتين الى توقعات بشأن لقائه اليوم مع بوروشينكو لكن مساعد الرئيس الروسي يوري اوشاكوف كان اعلن في وقت سابق أن تحضيرات أُجريت لمشاركة بوتين في اجتماع رباعي ضمن ما يطلق عليه «إطار نورماندي» (زعماء روسياواوكرانيا وفرنسا والمانيا)، إضافة الى لقاء منفصل ينتظر ان يجمع بوتين وبوروشينكو. وتجرى اللقاءات على هامش قمة «منتدى أوروبا – آسيا» الذي يعقد اليوم وغداً في ميلانو. ورجحت مصادر الكرملين ان يسعى بوتين خلال لقاءات ميلانو الى تخفيف حدة الاحتقان في العلاقات مع اوروبا، تمهيداً لقمة «العشرين» التي تعقد الشهر المقبل في استراليا والتي ستشكل اضخم فعالية عالمية يشارك فيها الرئيس الروسي منذ تدهور العلاقات مع الغرب مطلع العام وتجميد مشاركة روسيا في مجموعة الدول الصناعية الكبرى. انفتاح الماني في غضون ذلك، اعلنت المستشارة الالمانية انغيلا مركل ان «على روسيا ان تلعب دوراً إيجابياً حاسماً في تسوية الازمة الاوكرانية»، واعتبرت ان الوضع في اوكرانيا ما زال معقداً للغاية ومعرضاً لمزيد من التدهور على رغم التوصل الى اتفاق اطلاق النار. وفي اوضح اشارة الى انفتاح الجانب الاوروبي على الحوار مع موسكو، قالت مركل ان العقوبات الاوروبية المفروضة على روسيا «ليست هدفاً وهي لا تعيق اجراء حوار معمق». ولم تستبعد مصادر الكرملين ان يعقد بوتين على هامش القمة جلسات محادثات ثنائية مع كل من المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي. وكان الرئيس الروسي توقف في صربيا، الحليف المهم لبلاده في طريقه الى ميلانو، وعلى رغم ان الزيارة «مرتبة في وقت سابق» كما قالت مصادر الكرملين، فان تداعيات الازمة الروسية – الاوروبية كانت مطروحة للبحث، رغم تصدر الملفات الاقتصادية لجدول اعمال الزيارة. وبرز ذلك بقوة من خلال التركيز على مناقشات لاطلاق القطاع الصربي في خطوط امداد الغاز الروسي الى اوروبا (التيار الجنوبي). وكان عدد من البلدان الاوروبية جمد العمل في مشروعات انشاء الخط بعد اندلاع الازمة. واعلنت المفوضية الأوروبية ان مشروع خط أنابيب غاز «التيار الجنوبي» لا يتوافق مع برنامج حزمة الطاقة الثالثة، الذي يحظر على الشركات المنتجة للغاز امتلاك خطوط أنابيب رئيسية في الاتحاد الأوروبي. لكن السلطات الصربية أعلنت اخيراً ان التحضيرات لبناء القسم الصربي من الخط ما زالت جارية، وتوقع سفير صربيا لدى روسيا سلافينكو تيرزيتش أن يبدأ تنفيذ الانشاءات اللازمة للمشروع في نهاية هذا العام.