أعلن رئيس الحكومة الليبية الموقتة علي زيدان نيته إدخال تعديل وزاري عقب إقرار المؤتمر الوطني العام مساء الأحد قانون «العزل السياسي» الذي ينطبق على مسؤولين حاليين سبق لهم أن خدموا في عهد نظام معمر القذافي. لكن موقفه هذا لم يُقنع الثوار على ما يبدو، إذ واصلوا أمس فرض حصار على عدد من الوزارات في العاصمة طرابلس، معلنين صراحة أنهم لن يوقفوا تحركهم حتى إطاحة زيدان نفسه كون معايير قانون العزل تنطبق أيضاً عليه لأنه خدم في نظام القذافي. وكانت الاحتفالات عمّت العديد من المناطق الليبية فور إقرار المؤتمر الوطني «قانون العزل»، وهو أمر كانت جماعات من الثوار تضغط من أجله منذ أسابيع وهي فرضت لهذه الغاية حصاراً على وزارات عدة لإرغامهما على طرد مسؤولين يوصفون بأنهم من «فلول» نظام القذافي، كما رابضت جماعات مسلحة أخرى أمام المؤتمر الوطني نفسه لضمان تصويت النواب بنعم على القانون الجديد الذي يسري على المسؤولين الذين خدموا في إدارات القذافي منذ العام 1969 وحتى تاريخ إطاحته العام 2011. وقال الناطق باسم المؤتمر الوطني عمر حميدان إن القانون الجديد «لم يستهدف الإقصاء أو التجريم، وليس كل من استثناه هذا القانون هم مجرمون، بل على العكس هناك العديد من المناضلين من الوطنيين». وأضاف أن هذا الأمر «لا يخل ولا يشين بوجه من الوجوه من صفحات هؤلاء الوطنيين المشرفة»، قائلاً «إن هذا القانون كان لمراعاة مصلحة أولى وهي تأمين هذه الثورة، وتأمين بناء الدولة الحديثة... في جو وفي مناخ متطهر من كافة المدنسات، ومن كافة آثار وأفكار النظام السابق». وقال، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الليبية، إن الأشخاص الذين «ساهموا في توطيد النظام السابق ينبغي أن يفصلوا وألا يسمح لهم بأن يساهموا في هندسة وبناء والمشاركة في بناء النظام الجديد». وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن جماعات من الثوار واصلت أمس تمركزها خارج مقرات حكومية على رغم إقرار قانون العزل السياسي. واضافت أن شاحنات تحمل رشاشات ثقيلة بقيت متمركزة أمام وزارتي العدل والخارجية، في حين رفع مسلحون شعارات تنادي باستقالة رئيس الوزراء الذي يطاوله قانون العزل كما يطاول عدداً من أعضاء حكومته. وكان زيدان تحدث إلى الصحافيين ليلة الأحد، قائلاً إن حكومته ستؤدي دورها بحسب ما تمليه عليها «قناعاتها وبما يمليه الواقع، وما تقتضيه مصلحة الوطن في هذه المرحلة». وأضاف أن الحكومة «تملك القوة» للتصدي لجماعات الثوار التي تحاصر وزاراته، لكنها «لن تستعملها ضد الليبيين إلا إذا كانت مضطرة لذلك، ولا بد (من) مواجهة مثل هذه المسائل بالحكمة». وأعلن نيته تغيير بعض الوزراء ، لكنه قال إن هذا الأمر «يحتاج إلى وقت». ونفى زيدان أن يكون قد ساهم في توظيف أي شخص محسوب على النظام السابق، قائلاً إن حكومته لم تقم بتعيين أي سفير في السفارات الليبية في الخارج، وإن كل السفراء يُرشحون للمؤتمر الوطني العام الذي يقرهم بعد أن يكونوا قد مروا على هيئة النزاهة. وأكد أهمية استيعاب الثوار «باعتبارهم ركيزة من الركائز الأساسية في ليبيا»، في موقف يُفهم منه أنه يهدف إلى تهدئة التوتر معهم. وفي الإطار ذاته، هنأ «المجلس الأعلى لثوار ليبيا» الشعب بإقرار قانون العزل واعتبره «صمام أمان ثورة 17 فبراير». وحيا المجلس «كل الشرفاء والثوار الذين ساهموا في الوصول لهذه اللحظة التاريخية، والذين اعتصموا في ميادين الشرف، وتحت كافة الظروف، للوصول لهذه اللحظة المميزة». وأكد «أن آليات تطبيق القانون من الهيئة المشرفة إلى لوائح التنفيذ هي الفيصل في تحقيق واستكمال هذا الانتصار».