مع اقتراب العد العكسي لجلسة المؤتمر الوطني العام الليبي المقرر أن يتم فيها الحسم في إقرار قانون «العزل السياسي» للمسؤولين في النظام السابق، بدت البلاد وكأنها تعيش على وقع إنقسام خطير بين مجموعات من الثوار. بعضها يدافع عن «شرعية» الحكومة الموقتة وبعضها الآخر شهر السلاح في وجه وزاراتها وفرض عليها حصاراً لإرغامها على طرد مسؤولين فيها ممن عملوافي ظل النظام السابق. وجاء ذلك في وقت مثل سيف الإسلام القذافي أمام محكمة جنايات مدينة الزنتان، غرب ليبيا، بتهمة التخابر مع جهة أجنبية، وهي تهمة مختلفة عن تلك التي يواجهها في قضية محاولة قمع الثورة التي أطاحت نظام والده معمر القذافي العام 2011. وتعيش ليبيا منذ أيام على وقع احتجاجات تقوم بها جماعات من الثوار فرضت حصاراً على عدد من الوزارات بهدف الضغط على حكومة علي زيدان ل «تطهيرها» فوراً من مسؤولين خدموا خلال حقبة حكم القذافي التي استمرت 42 عاماً. كما تضغط هذه المجموعات، المدججة بالسلاح والتي تنتشر في العديد من الأماكن الاستراتيجية في طرابلس، من أجل إقرار قانون «العزل السياسي» خلال جلسة للمؤتمر الوطني العام الأحد المقبل، في حال عدم تأجيلها. ويحتاج «قانون العزل» إلى 101 صوت فقط من أصل 200 هم أعضاء المؤتمر لكي يصبح نافذاً، لكنه سيعني في صيغته الحالية إطاحة العديد من الشخصيات السياسية البارزة في الحكم الليبي الجديد، بما في ذلك رئيس المؤتمر الوطني محمد المقريف ورئيس الحكومة علي زيدان. كما يطاول أيضاً شخصيات كانت مرشحة للعب دور في النظام الجديد وعلى رأسها محمود جبريل الذي يقود تحالف القوى الوطنية (أكبر كتلة نيابية في المؤتمر الوطني). وبعد أيام من هيمنة مؤيدي «قانون العزل» على الساحة من خلال فرضهم الحصار على عدد من الوزارات الأساسية (مثل الخارجية والعدل)، بدا خلال الساعات الماضية أن مناصري الحكومة يستعدون لتحرك على الأرض أيضاً للدفاع عن «شرعيتها» كونها انبثقت عن انتخابات تعددية هي الأولى في ليبيا منذ إطاحة نظام القذافي. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن الناطق باسم «ثوار طرابلس» المهندس هود علي قاسم إعلانه «استنفار ثوار طرابلس واستعدادهم للتحرك لحماية العاصمة من أي خروقات قد تهدد البلاد». وقال قاسم «أن ثوار طرابلس مستعدون للتحرك في أي لحظة يشعرون بأنها قد تهدد الشرعية التي انتخبها الشعب الليبي وتجر البلاد إلى الفوضى». وأوضح أنه تم «التنسيق بين كافة ثوار طرابلس الكبرى لاتخاد الاجراءات الضرورية والدعوة للتجمع لأخذ التدابير اللازمة من أجل حماية وتأمين العاصمة طرابلس والحفاظ على أمن واستقرار ليبيا». وجاء تصريحه في وقت احتشد عدد من أهالي مدينة الزاوية والمنطقة الغربية في ليبيا صباح أمس في ميدان الشهداء بالزاوية للانطلاق نحو طرابلس للمشاركة في تجمع «رافض لحصار مؤسسات الدولة». وأفادت الوكالة الليبية أن التظاهرة في طريقها «للمشاركة في التجمع المؤيد لبسط شرعية الدولة المتمثلة في المؤتمر الوطني العام والحكومة الموقتة». وفي الإطار ذاته، تعتزم قبائل ورشفانة والنواحي الأربع (غرب ليبيا) الخروج يوم السبت في تظاهرة ل «دعم الشرعية الوطنية المتمثلة في المؤتمر الوطني العام والحكومة الموقتة». ومن المقرر أن يتم التجمع المؤيد للحكومة في ميدان الشهداء في طرابلس. في غضون ذلك، قررت محكمة جنايات مدينة الزنتان إرجاء النظر في قضية سيف الإسلام القذافي إلى 19 أيلول (سبتمبر) المقبل بعد جلسة عقدتها أمس للنظر في اتهامه ب «المساس بأمن الدولة والفساد المالي ومحاولته التنسيق مع المحامية الأسترالية عضوة وفد المحكمة الجنائية (الدولية) للهروب». وقرر قاضي المحكمة المستشار أحمد الطاهر أبوبكر إرجاء النظر في القضية إلى حين إعادة عرض «ساعة اليد» التى قدمتها له المحامية الأسترالية ميليندا تايلر ل «بيان حقيقتها». وكان ثوار الزنتان الذين يحتجزون سيف الإسلام منذ نهاية العام 2011، قالوا إن المحامية تايلور متورطة في مؤامرة لتهريبه من السجن. واعتقل الثوار المحامية في حزيران (يونيو) العام الماضي، قبل أن تتدخل المحكمة الجنائية في لاهاي لتأمين الافراج عنها. ووافق قضاة المحكمة الجنائية قبل أيام على تغيير تايلور كمحامية منتدبة للدفاع عن سيف الإسلام بتهم التورط في جرائم ضد الإنسانية خلال محاولة نظام والده قمع انتفاضة 17 فبراير.