مثقلة ب«الديون» وب146 كيلوغرام، تسعى خلود البيشي إلى مواجهة هموم الحياة المتعددة. وتسعى هذه الفتاة التي لم تتعدَ ال36 عاماً وهي يتيمة الأب، إلى توفير مصاريفها الشخصية ونفقات عائلتها، على أمل أن تجد «بصيص نور أتغلب به على ظلمة ليلي المعتم»، بحسب قولها. إنها قصة عوزٍ وحاجة تتلاعب بمصير فتاة باتت أسيرة السمنة التي تشل حركتها، وتقلق مصير عائلتها المكونة من أم وأختين وتقول: «أنهكتني نظرة المجتمع من حولي ووقفت صامتة أترقب أي أمل». وتسكن خلود في شقة متواضعة في الدور الأرضي لمبنى في حي البادية في مدينة الدمام، فسمنتها المفرطة أعجزتها عن الحراك، وأجبرتها على التقوقع على نفسها، لتحكي عن معاناتها بنفسها، فمسحت دموعها وتنفست قليلاً، لتقول: «كنت أسير في شكلٍ طبيعي، كأي فتاة في الدنيا، لكن وفاة والدي أثقلت حياتنا بالهموم والألم والمعاناة، ولا مُعين يساندنا غير الله ثم وقفات المحسنين، وما نحصل عليه من الضمان الاجتماعي، الذي لا يكاد نسدد به فواتير الكهرباء ويوفر ما نقتات به». ومع مرور الأيام زادت الهموم على خلود فزاد وزنها، «أسهم في ذلك تعرضي لحادثة في رجلي، أرقدتني على الفراش عاماً كاملاً بلا حركة، بسبب وضع الجبس والأسياخ في ساقي، ما تسبب في زيادة وزني يوماً بعد آخر، حتى فقدت السيطرة على وضعي». أدارت وجهها إلى الجهة الأخرى لتلفظ أنفاسها وتكمل «ظروفي تسببت في انقطاعي عن الدراسة (وصلت إلى المرحلة المتوسطة)، ومع ذلك كنت أدور يميناً وشمالاً بحثاً عن عمل يساعدني في توفير ما يُغنينا عن مذلة السؤال، لكن محاولاتي باءت بالفشل، ولم أجنِ إلا الرفض فقط، بل مضاف إليه نظرات الازدراء، بسبب وزني الثقيل، إذ كنت أرى في عيونهم رد الرفض مقدماً، وكأن شفاههم تقول: «ماذا ستقدم لنا موظفة بهذا الحجم والوزن؟». وعلى رغم ذلك، لم تتوقف خلود عن محاولات معالجة سمنتها، «تقدمت بطلب لإجراء عملية ربط معدة في البرج الطبي في الدمام، وفي الخطوة الأخيرة قوبل طلبي بالرفض، من دون ذكر الأسباب. فيما وضعي المادي الصعب يمنعني من الخضوع للعملية في مستشفى خاص، وكل ما أرجوه الآن إجراء الجراحة، قبل أن يفوتني الوقت ويزداد وزني ويقل نشاطي». وقدمت خلود ل«الحياة» تقارير طبية صادرة من مستشفيات حكومية توضح وضعها الصحي. وتضيف «لا أعتقد أن سبب زيادة وزني هو الطعام، فطعامي طبيعي، لكن الأمر يعود للحال النفسية المؤلمة التي نعيشها، وبخاصة بعد أن طُردنا من منزلنا السابق، بسبب تخلّفنا عن دفع الإيجار، فيما كان المؤجر يهددنا بين حين وآخر، بدفع مبلغ العام المقبل، أو الطرد من المنزل. وأمي امرأة مُسنة تعاني السكر ومرض في الكبد، وشقيقتي الأخرى لا تزال طالبة، أعانها الضمان على الالتحاق بالجامعة وحالنا يُرثى». بكت بحرقة قلب وهي تصرخ: «أعينوني على إجراء الجراحة، وأعينوا عائلة يتيمة ليس لها أحد بعد الله».