حذّر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين من خطورة الرشوة، وقال في خطبة (الجمعة) اليوم: إن «الرشوة خيانة للأمة وبلاء على المجتمع، هي فخ المروءة وشباك الشهامة، وشراك الأمانة وقلة الديانة، تصيب مصالح الأمة بالإرباك ومشاريعها بالعثار، وجهود المخلصين بالفتور والخور، فكم من مظالم انتهكت، وحقوق ضيعت بسببها، وكم فقدت ثروات وهدمت أسر وبيوتات، وأهدرت كفاءات، وضيّعت طاقات من جرائها وأهلها لا كثرهم الله وهو حسبنا وحسيبهم، وويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون». وأوضح أنَّ الرِّشوة تجعل الباطل هو الأحق، والحَقَّ مرَامُهُ الأشق، وبها تروج سوق الفساد ومسالك الباطل وأساليب السحت، وتستمرئ الأمة أبواب الحرام وطرق الإجرام والجرأة على الآثام، فَتُشتِّتُ كُلَّ مجموع، وتُكَدِّر كُلَّ يَنْبوع، وتُزْهق كُل مشروع، وتُبِيحُ كُلَّ ممنوع، وتَعْتَاق كُلَّ إِبْدَاعٍ يَلُوح، وتَغْتال كُلَّ نُبوغٍ وطُموح، مُرَوَّجَةً بِعِبَارَاتٍ خَلاَّبَة، ومَعَانٍ مُمَوَّهَةٍ كَذَّابة، هَديَّة تارة، ومُكَافأة أخرى، وتقديراً للجهد تارة أخرى. مشيراً إلى أن الرِّشوة وإن زُخْرِفَت مَنَاظِرُها، وتَلَوَّنَتْ مَظاهِرُها هي رِشوَة. وقال الشيخ السديس: «سُبْحان الله، وعَجباً يا عِبَاد الله، رشوةٌ في الوظائف والترقيات، رشوة في المؤهلات والشهادات، رشوة في المعاملات والمقاولات والمناقصات والإخلال بالعقول والمواصفات، رشوة لِتمزيق الصفِّ الجميع، رشوة في الإعمار والمشاريع، بل غدا هذا المنكر الشَّنيع عند ضعاف النفوس، أمراً واجباً، وحتماً لازباً، وتلك الفواقِر والجنايات مُنْذِرة بِفَنَاءٍ قِيَمِيٍّ ذريع يُرْعِبُ المُجْتمعات ويُهَدِّدُها، ويَفْتِك بِمُقدَّراتها ويُبَدِّدُها، إذ الأمجاد والحضارات لا تبنى إلا على دعائم القيم المثلى والمثل العليا، وحينما تبتلى الأمم بالأمراض المعنوية يضعف شأنها، وتقوض دعائمها، وسلامة طرق مكاسبها، وإن من شر ما تصاب به المجتمعات أن تخوض فئام من ذوي المسؤوليات في أموال الأمة العامة بغير حق، وأن تعطل الحقوق وتتعثر المشاريع تطلعاً إلى ابتزاز الجيوب من دون عناء ولغوب، فَيَا مَنْ رَشَوْتَ بِشَرَرِ السَّعير لِتَنَال العَرَضَ الحَقير، لقد أتيتَ عَلَى دينِك بالتَّتبِير، ويَا مَنْ ارْتَشَيْتَ لَقد بُؤْتَ بِالخُسْرانِ والثُّبور، بِفِعْلٍ لَئيم يَبُور». وحمد الله أن الدولة خصَّت للنّزاهة ومكافحة الفساد الهيئات والمؤسسات، وجُسِّدَتِ المسؤولِيَّات بذوي الكفاءات والقدرات، وعُزِّزت النَّزَاهة بِخِيَرَةٍ أمَاثِل، أَمَاجِد أفَاضِل، فضْلاً مِن الله وإنْعَاماً، وتَوْفِيقاً وإكراماً. داعياً الجميع أفراداً ومؤسسات إلى التعاون معاً في تعزيز قيم النزاهة ومكافحة ألوان الفساد لنبلغ بالمجتمع مراقي الفلاح والرشاد. وفي المدينةالمنورة تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي عن الخلق الحسن، داعياً المسلمين إلى بذل الخير والكف عن الشر والحذر من عقاب الله جل شأنه. وقال في خطبة الجمعة: «إن الإسلام جاء لتحقيق غاية عظيمة وجاء ليقوم بمهمة جسيمة، ألا وهي القيام بحق الله تعالى وحقوق الخلق، وما سوى هذه الغاية من عمران الأرض وتشريع الحدود وكف الظلم ونحو ذلك فهو تابع للغاية الكبرى التي هي الوفاء بحق الله وحقوق الخلق، والوسيلة إلى هذه الغاية والتمهيد إليها الخلق الحسن.