احتشد آلاف المتظاهرين في التحرير أمس غالبيتهم من العمال احتجاجاً على السياسات الاقتصادية للحكم ورددوا هتافات ضد الرئيس محمد مرسي وجماعته «الإخوان المسلمين» ومرشدها العام محمد بديع، فيما شدد وفد من الكونغرس الأميركي خلال لقاء مع مرسي على استمرار دعم واشنطن. وشدد المنسق العام ل «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة محمد البرادعي على ضرورة حصول توافق سياسي لضمان استقرار الأوضاع في مصر، مشيراً إلى أن جماعة «الإخوان» كانت أبدت استعداداً «للتواصل» مع المعارضة لكنها غيرت مسارها في الأسابيع الأخيرة. وأكد البرادعي في مقابلة مع وكالة «رويترز» ضرورة سعي الحكومة إلى «تسوية سياسية» لتكسب دعماً واسعاً لقرض مهم من صندوق النقد الدولي حتى ينتعش الاقتصاد المتعثر. واتهم «الإخوان» بإقصاء القوى السياسية الأخرى عن اتخاذ القرار وإعاقة تعافي البلاد. وقال: «يتوقف النجاح أو الفشل الآن على التوافق السياسي لأنه إذا لم يكن هناك توافق فلن يكون هناك استقرار، ومن دون استقرار لن تدور عجلة الاقتصاد. وإذا لم تدر عجلة الاقتصاد سينتهي الحال إلى شعب جائع غاضب». وأضاف أن «الاقتصاد في حال متردية للغاية. كل المؤشرات الاقتصادية. إذا نظرنا إلى الناتج المحلي الإجمالي أو التضخم أو الاحتياط الأجنبي أو الحساب الجاري أو الدين العام سنجدها كلها سلبية. إنه وضع خطير جداً. الكل في انتظار صندوق النقد الدولي الآن. هذا شيء واضح». وأوضح أن «الإخوان بعدما أبدوا استعداداً للتواصل مع المعارضة غيروا المسار خلال الأسابيع الأخيرة ويعتزمون في ما يبدو السير بمفردهم. إنهم (الإخوان) يضعون حواجز وهو أمر لا يساعد كثيراً». وتوقع تغيير مواقف قوى سياسية إزاء معارضة شروط قرض صندوق النقد «إذا سعت جماعة الإخوان إلى تحقيق توافق أكبر». وقال: «أعتقد بأنه إذا شعرت الأحزاب السياسية المختلفة في النهاية أنها شريك وإذا جلست إلى الطاولة مع الحكومة وجرى حوار صادق ومنفتح في شأن الخيارات المتاحة، فليس من المستحيل أن تعود وتقبل بقرض». في غضون ذلك، جدد وفد من الكونغرس الأميركي خلال لقائه الرئيس مرسي مساء أول من أمس دعم واشنطن لمصر. وذكرت الرئاسة المصرية أن لقاء مرسي مع الوفد الأميركي «تناول الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط خصوصاً في ما يتعلق بالتسوية السلمية، وجهود مصر لتثبيت وقف إطلاق النار وسبل التعامل مع الخروق المتكررة (في غزة)، فضلاً عن الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وشدد على متانة وعمق العلاقات المصرية - الأميركية». وترأس الوفد الأميركي رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور دايان فاينستاين وضم السيناتور ساكسبى تشامبليس والنائب داتش روبرسبرغر والنائب مايك رودجرز. وشهد ميدان التحرير لمناسبة عيد العمال أمس تظاهرات حاشدة زادت أعداد المشاركين فيها مساء احتجاجاً على سياسات النظام الحاكم. ونظم المتظاهرون مسيرة من حي السيدة زينب إلى مجلس الشورى رددوا خلالها هتافات منددة بجماعة «الإخوان» ثم توجهوا إلى ميدان التحرير الذي استعد للفعالية بنصب منصة كبيرة وإذاعة مركزية ظلت تردد الأغاني الوطنية. والتف الميدان بلافتات كبيرة كُتب عليها: «لا لاضطهاد النقابيين» و «لا لقطع الأرزاق واضطهاد العمال» و «وقف التعسف ضد العمال» و «نطالب بالحريات النقابية». ورفع متظاهرون صوراً للرئيس الراحل جمال عبدالناصر وشعارات عمالية. ورددوا هتافات بينها: «يسقط يسقط حكم المرشد» و «الطلبة ويا العمال ضد سياسة رأس المال» و «اللي يجوع شعب مصر مينفعش يحكم مصر»، و «قوم يا عامل ويا فلاح يلا نكمل الكفاح»، و «العمال هما الحل ضد الظالم والمحتل»، و «واحد اتنين أهداف الثورة فين؟» و «عايزين حكومة حرة العيشة بقت مرة». وشارك في المسيرة والتظاهرات اتحاد النقابات المستقلة و «التيار الشعبي» الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وأحزاب «مصر القوية» الإسلامي و «التجمع» و «الاشتراكي المصري» و «الشيوعي المصري» وحركة «الاشتراكيين الثوريين». ووزع المتظاهرون بيانات تطالب بتحسين أوضاع العمال والإسراع بإصدار قانون النقابات العمالية لإجراء الانتخابات العمالية وفقه، ومشاركة التنظيمات النقابية في مناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالعمال. وأثار عدم إعلان الرئيس محمد مرسي نسبة محددة للعلاوة الاجتماعية غضباً في أوساط المتظاهرين، إذ قال مرسي إن العلاوة ستزيد بنسبة 50 في المئة عما كان يُصرف في السابق، من دون إعلان علاوة جديدة، علماً أن العلاوة الاجتماعية في السنوات السابقة كانت تُصرف بنسب مختلفة. من جهة أخرى، أوصت هيئة مفوضي الدولة أمس برفض دعوى تُطالب بعزل الرئيس مرسي لعدم اختصاص مجلس الدولة بالنظر في الدعوى. وكان مواطن أقام دعوى قضائية لعزل مرسي بدعوى أنه «لم يؤد ما أقسم عليه اليمين من استقرار البلاد وحفظ الأمن أثناء الأزمات». وقال تقرير المفوضين إن القانون ينظم إجراءات التحقيق والمحاكمة ويحدد العقوبة إذا ما دين رئيس الجمهورية، كما حدد الدستور من هو المناط بمباشرة أعماله في حال قيام مانع، إلا أن الدستور لم ينص على الحالات التي تستوجب عزل الرئيس. وقالت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية إن رئيس الجمهورية مسؤول دستورياً في حال عدم تنفيذ الأحكام القضائية. وقضت بإلغاء قرار الحكومة الامتناع عن تنفيذ حكم القضاء الإداري الصادر لمصلحة أحد النقابيين في نقابة المعلمين ضد وزارة التربية والتعليم بمنحه راتبه والمكافآت التي حرم منها أثناء أداء عمله النقابي. وقالت المحكمة إن «عدم تنفيذ الأحكام القضائية من أي جهة أو سلطة في الدولة يمثل إخلالاً جسيماً بمبدأ الفصل بين السلطات، وهي مسؤولية رئيس الجمهورية في المقام الأول، إذ يتوجب عليه بمقتضى الدستور أن يأمر بتنفيذ هذه الأحكام ولا يجوز له أن يتنصل من هذه المسؤولية أياً كانت المبررات، فواجبه رعاية الحدود بين السلطات».