«حلب يا نبع من الألم.... يمشي ب بلادي... ويا كتر الدم اللي انسكب ب بلادي... أنا ببكي من قلب محروق ع بلادي... وع ولادا يلي صاروا فيها غراب»... كلماته البسيطة، وصوته الذي ارتعش مع كلمات الموال والدمعة التي حاول جاهداً منعها من الانسكاب أثناء وقوفه على مسرح Arab Idol، كل تلك العوامل كوّنت الرسالة التي أراد عبد الكريم حمدان إيصالها للمشاهد... رسالة عنوانها الألم الذي يعيشه المواطن السوري. منذ اشتراكه في البرنامج، لمع نجم المشترك السوري عبد الكريم حمدان كواحد من الأصوات القوية في الموسم الثاني من Arab Idol، لكنّ نقطة التحوّل جاءت خلال «حلقة الشباب»، عندما غنى عبد الكريم أغنية «قدّك الميّاس» من القدود الحلبية، مسبوقة ب موّال «حلب يا نبع من الألم»، ليُبكي الناس في بيوتها وداخل الاستوديو، محققاً نسبة مشاهدة عالية جداً على الشاشة، وعلى شبكة الإنترنت، ومنها مثلاً، «يوتيوب»، إذ فاقت النسبة أربعة ملايين مشاهد! التقينا عبد الكريم في الأستوديو خلال التحضيرات ل «برايم» الجمعة، وفي حين رفض إطلاعنا على تحضيراته لل «برايم» والأغنية التي سيقدّمها خلاله، فإنه لم يتردّد في سرد ذكرياته مع Arab Idol وتجربة اشتراكه فيه. وفي معرض ردّه على سؤال حول الضجة التي أحدثها موال «حلب يا ينبع من الألم» قال عبد الكريم حمدان: «لست أنا من أحدث هذه الضجة! إنها شاشة «أم بي سي» وال 100 مليون مشاهد... ولو أنني غنيتُ الموّال ذاته على أي شاشة أخرى لما أحدث جزءاً بسيطاً من تلك الضجة الإعلامية». وتابع عبد الكريم: «عن نفسي فقد وُفّقتُ بتأدية أغنية جيدة ومؤثرة، ولكن الفرق أنها كانت عبر شاشة كل العرب، لذا فالفضل في الأثر الطيب الذي أحدثته الأغنية لا يعود لي وحدي». وأوضح عبد الكريم أن كلمات الموّال كتبها بنفسه بعدما كان طلب من عدد من الشعراء - الذين رفض ذكر أسمائهم - كتابة موّال بسيط عن حلب ينقل للناس المعاناة التي يعيشها الشعب السوري في شكل عام، وأضاف: «فكرة الموّال جاءت من شعوري بالحزن الكبير لما يجري في سورية، وأردت أن أعبّر عن هذا الحزن والوجع المتراكم في أعماق قلبي، بغض النظر عن أي موقف سياسي أو أي غايات أو أهواء. أنا رجل فن، ولست رجل سياسة، لذا فرسالتي أنقلها إلى الناس بصوتي وإحساسي. لم تعجبني النصوص التي وصلتني، والسبب أنها كانت مجبولة بميول الشاعر السياسية وتوجهاته. كل ما أردته هو نقل الوجع الذي في قلبي. فحاولت أن أكتب بعض الكلمات التي تعبّر ببساطتها عن جزء صغير من هذا الألم. وخلال التدريبات، كنتُ أبكي في كل مرّة أغني فيها الموال. وعندما أدّيته في «المباشر»، حاولت جاهداً منع دموعي». وقال عبد الكريم: «غنيت سورية التي وُجِدت منذ أيام أجداد أجدادي.. وستستمر لأيام أحفاد أحفادي»، مؤكداً أنه «غير معني بأي تفسيرات أو مواقف صدرت عن أشخاص من مختلف الجهات في سورية»، فهو غنى للوطن والألم الذي يعيشه، وتمنى على الجميع ألا يُحمّلوا الأمر أكثر من حقيقته الصادقة والمُرَّة. وأضاف عبد الكريم: «بعد تقديم الأغنية، وصلتني رسائل وتعليقات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الخليوي، منها الإيجابي ومنها السلبي، ومنها ما يعرض عليَّ الدعم المادي وغيره. أريد أن أقول للجميع إنني عندما غنيتُ سورية، فعلت ذلك بدافع من الألم الذي أعيشه فقط، وعندما أقرّر أن أغني الوطن لا أريد دعماً من أي جهة كانت، فأنا سوري وأعتز بانتمائي لهذا البلد العريق». وأشار عبد الكريم إلى أن ثمة الكثير من المواقع المزيفة على «فايسبوك» باسمه، لكن الموقع الرسمي الوحيد له هو ذلك الموجود على صفحة البرنامج الرسمية. رهبة المسرح ووجّه عبد الكريم شكره لكل من صوّت له ومنحه ميزة الاستمرار في البرنامج، معتبراً أنه نجح في كسب الجمهور العربي كافةً بفضل شاشة «أم بي سي» التي وصفها بأنها الأكثر وصولاً لبيوت العائلات العربية، ووعدَ ببذل الكثير من الجهد ليكون عند مستوى الثقة التي منحه إياها الجمهور. كما أكّد عبد الكريم أنه يحترم النقد البنّاء، شاكراً كل من ترك تعليقاً - إيجابياً كان أم سلبياً - على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمنّى على الجميع أن يأخذوا في الاعتبار أن جميع المشتركين بالبرنامج يقفون للمرة الأولى على خشبة مسرح، ويغنون مباشرة أمام عشرات الملايين من المشاهدين، وهذا الأمر بحدّ ذاته هو تحدٍّ كبير، لا سيّما أن المشترك لحظة وقوفه على المسرح يشعر بخوف كبير يتملّكه ورهبة لم يعرفها في حياته من قبل. عبد الكريم حمدان، 25 سنة، طالب في السنة الثالثة في كلية التربية الموسيقية في حمص. اختار الغناء والموسيقى هدفاً في الحياة، وعمل جاهداً لتحقيق هذا الحلم. وعن بداية تجربته مع البرنامج، قال: «بحكم دراستي الموسيقية، أهتم بكل ما يمتّ بصلة للموسيقى، وعادةً ما أتابع مثل هذه البرامج المعنيّة بالفن. وقد كنت سابقاً أعتقد بأن مثل هذه البرامج مُركّبة ولا تتمتع بالصدقية». وتابع: «عرفتُ عن موعد تجارب الأداء من التلفزيون، وبعد استشارة العائلة، وبخاصة والدتي التي لها الأثر الأكبر في حياتي، قررتُ الاشتراك في البرنامج». وعن الصعوبات التي واجهها على الطريق إلى بيروت قال عبد الكريم: «طبعاً بسبب الأحداث في سورية كانت رحلتي إلي بيروت قُبيل التجارب بيوميْن مليئة بالمخاطر والمشاكل التي كادت أن تكون سبباً كافياً للحؤول دون انتقالي. ولكن الحمد لله وصلت إلى بيروت وتقدّمت إلى البرنامج، وأذكر أن خوفي كان كبيراً على اعتبار أنني من أواخر الأشخاص الذين غنوا أمام اللجنة في ذلك اليوم، وكانت تنتابني أفكار متشائمة حول عدم تقبّل اللجنة للون الغناء الحلبي». وحول مشاريعه بعد Arab Idol، قال حمدان أن وصوله لهذه المرحلة يُعدّ مكسباً حتماً، مؤكداً رغبته اليوم في الحصول على اللقب. وأضاف: «عبد الكريم حمدان ما بعد Arab Idol ليس الشخص نفسه قبل البرنامج، فاليوم لدي مسؤولية كبيرة، سواء كنت حاملاً للقب أم لا. ولعلّ الدرس الأهم الذي تعلّمته من تجربتي مع «أم بي سي» هو «الشمولية» بالمعنى الإيجابي، فالجمهور شرائح متعددة الأهواء والأذواق، لذا سأعمل على إرضاء أكبر شريحة ممكنة». واختتم عبد الكريم قائلاً: «أحب الغناء بكل الألوان. ومستقبلاً، سأعمل على تقديم أعمال مختلفة منها الأوبرا والغناء الغربي، بالإضافة إلى الغناء الحلبي والخليجي والمصري».