ابو ظبي - أ ف ب - رغم تجربته في التراث الموسيقي والغنائي العربي اداء وتطويرا، لم يحقق الفنان السوري محمد صباح الدين ابو قوس المعروف بصباح فخري حلمه في غناء الاوبريت، فعندما أصبح ذلك ممكنا لم يجد من يشاركه الغناء فيه. هذا ما أكده فخري بعدما أقام أمسية من أجمل الأمسيات التي شهدها قصر الامارات ضمن مهرجان «أنغام من الشرق» الذي تقوم على تنظيمه هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث. واكتظت القاعة بالحضور، ما اضطر ادارة المهرجان الى وضع المقاعد في الممرات. ومع ذلك لم تخل القاعة ممن حضروا الامسية واقفين. تألق صباح فخري في هذه الحفلة تألقا يذكر بما قاله عنه الروائي والناقد السوري خليل صويلح حين اعتبر ان مدينة حلب تملك معلمين اثنين، قلعتها وصباح فخري قلعة الموسيقى العربية. ويقول فخري انه كان يتمنى تأدية الاوبريت طوال تجربته الفنية التي تجاوزت 65 سنة. ويرجع صباح فخري عدم قدرته على تقديم الاوبريت الى «تكلفة انتاجها العالية جدا»، معتبرا ان «رأس المال لا يراهن على الفن والثقافة»، ومشيرا الى ان «الحكومة لم تكن مهتمة بمثل هذا النوع من الفن في الفترة المبكرة من تجربتي». اما الآن، و»بعد توفر المال لانتاج مثل هذه الاوبريت، فانه لم يعد يتوافر المبدعون والمطربون الذين اتمنى مشاركتهم في مثل هذا العمل». ويتطرق صباح فخري الى تجربة الاستاذ والموسيقار الحلبي علي درويش، الذي تخرج على يديه وعلى موسيقاه العديد من مطربي حلب، وقد انتقل علي الدرويش الى مصر للتدريس في معهد الموسيقى العربية حيث درس على يديه محمد عبد الوهاب ايضا. ويتابع: «غنيت الكثير من موشحاته كما تعلمت على ايدي مجموعة من المطربين والموسيقيين من حلب مثل مصطفى طراب واحمد الفقش ومحمد نصار واسعد سالم وباقي كردي، وهم الذين كانوا يشكلون كوكبة المطربين في بداية عصرنا في الغناء». ويوضح انه اكتسب اسم صباح فخري بدلا من محمد صباح الدين ابو قوس عندما التحق بمعهد الموسيقى الشرقية. وقال انه بعد ذهابه الى المعهد الذي «قام على افتتاحه وتاسيسه فخري بك البارودي، كنت من اوائل الطلبة في المعهد، فمنحني اسمه كاسم فني لي». وفخري بك البارودي من الشخصيات الوطنية التي كان لها اثر كبير في الحياة السياسية السورية في الاربعينات من القرن الماضي واثناء الانتداب الفرنسي، ومعهد الموسيقى الشرقية احد انجازاته. ويقول عن الموسوعة التي يعدها بعنوان «ما غناه صباح فخري» بانه بدأ بإعدادها «منذ فترة تجاوزت بضعة سنوات»، وهي تشمل اعماله، وفيها فصل عن حياته واساتذته ودراسته، موضحا ان فيها «فصولا تتعلق بما غنيته، فهناك فصل لكل من القصائد والمواويل والقدود والموشحات والادوار والاغاني الشعبية والوطنيات والدينيات». ويعد صباح فخري أربعة البومات جديدة، في اولها استكمال غناء ما لم يغنه من التراث العربي، وفي ثانيها الاغاني التي لحنها واداها، وفي ثالثها غناء قصائد لملحنين من كل الاقطار العربية، وفي رابعها اغان «تعجبه». يرى فخري ان احد الانجازات الاهم التي حققها تأسيسه في العام الماضي معهدا لتدريس الغناء العربي، «وهذه هي المرة الاولى التي يقام فيها معهد لتعليم الغناء العربي على الاصول مع الدراسة المنهجية الجيدة ولهذا وضعت منهاجا دراسيا يتطلب دراسة التجويد والقراءات القرانية الى جانب تعليم اللغة العربية، ثم تعليم الصوتيات». ويفسر قدرته بالسيطرة على الجمهور قائلا ان «المطرب يساوي نصف الحفلة، والجمهور هو النصف الآخر، على المطرب ان يحضر الجمهور روحيا لتبادل الادوار, واعطاء دور القيادة للمطرب،وهذا يحتاج الى حضور قوي من خلال الصوت والثقافة والعلم والفهم الاجتماعي». ويضيف: «ليس كل من يغني مطربا. المطرب له مواصفات يجب ان تجتمع فيه وهي المواصفات التي ذكرت، عندها يصبح المطرب قائدا لليلة ويستطيع ان يتحكم بحركات الجمور وانفعاله، اسوة بالفارابي الذي دخل على قوم فعزف لهم فاضحكهم واعاد العزف فابكاهم واعاد العزف ثالثا فجعلهم يغرقون في النوم فقام وغادرهم». ويتابع: «الثقافة والمعرفة والعلم تتيح للمطرب ان يقف على خشبة المسرح لفترات طويلة، وانا دخلت موسوعة «غينيس» لاني وقفت على خشبة المسرح مغنيا في كراكاس العاصمة الفنزويلية عشر ساعات متواصلة، وكان وراء منحي الرقم القياسي الثقافة وكم ما املكه من غناء في راسي اولا، والقدرة على السيطرة على الجمهور ومشاركته في الغناء والرقص والانصات ثانيا». ويقول مفتخرا «استطيع الغناء على مدار 3 ايام متتالية من دون ان يتراجع صوتي لاني اهتم بصحتي جدا، وبصحة صوتي في كل شيء، الى العمل على عدم اجهاد حنجرتي. كل هذا ساعدني على الاحتفاظ بقوة صوتي بل اصبح اكثر مرونة...».