عزت دراسة رسمية حديثة ظاهرة التعديات في السعودية، سبب التعديات على الأراضي المملوكة أو الموقوفة إلى الغير، إلى إصدار المحاكم الشرعية في السعودية صكوكاً شرعية على أراض معتدى عليها دون الالتفات إلى معارضة الجهات المسؤولة، منوهة بأن ذلك ساعد في بث الأمل والطمأنينة في قلوب المعتدين وإضفاء نوع من الشرعية على الاعتداء على الأراضي. وأكدت الدراسة التي صدرت من جامعة الملك عبدالعزيز تحت عنوان «ظاهرة التعديات في المملكة ... رؤية في الأسباب والآثار والحلول» للباحث الدكتور عمر أبو رزيزة، وتعد أولى الدراسات الصادرة في هذا الشأن من مؤسسة رسمية سعودية، أن أبرز أسباب التعديات تتمثل في عدم وضوح الرؤية لدى المواطنين بسبب اختلاط القوانين المتعلقة بالتعديات ومفهوم أملاك الدولة، والقاعدة الفقهية «إحياء الأرض الموات وتطبيقاته»، مشيرة إلى التناقض أو التصادم بين البلديات والمحاكم الشرعية في منع البناء وإصدار صكوك الملكية. وانتقدت الدراسة تمويل بعض الجهات المسؤولة إيصال الخدمات إلى مواقع التعديات كتوصيل الكهرباء والماء إلى الأراضي المعتدى عليها، إضافة إلى سفلتة الطرق وإنارتها، معتبرة أن ضعف العقوبة المترتبة من جراء اقتراف التعديات على الأراضي التي وصفتها ب «غير الرادعة» اسهم في انتشار التعديات. وبينت أن من أسباب التعديات استغلال المعتدين ضعف ثقافة بعض العامة بما يتعلق بتملك العقارات وما يحكم ذلك من قوانين وشروط، ورخص قيمة الأراضي المعتدى عليها، والرغبة في الكسب السريع، إضافة إلى جعل الحركة القائمة على التعديات تبدو وكأنها أحياء عشوائية ما يضفي عليها صبغة شبه رسمية. وأشارت إلى أن عدم تخطيط المناطق المحيطة بالمدن جعل كثيراً من المواطنين ينظرون إليها وكأنها أرض موات يمكن إحياؤها ومن ثم تملكها، إضافة إلى عدم المبالاة وضعف مستوى الثقافة والتحضر، وغياب الأنظمة ولوائح وقوانين تجرم هذه الأعمال، وضعف الرقابة من الجهات العامة أسهمت بشكل كبير في انتشار التعديات. وتطرقت الدراسة إلى أن القطاعين العام والخاص اشتركا في التعدي على الأراضي الحكومية، مستشهدة بالتجاوزات التي حدثت من قبل بعض شركات المقاولات التي تعمل على مشاريع حكومية كمشروع أسفل جسر التفتيش بين عرفة ووادي النعمان في منطقة مكةالمكرمة، إذ توجد خرزة تاريخية تابعة لعين زبيدة تحت الجسر تعطلت تماماً لصعوبة الوصول إليها.