دخلت القوى السياسية العراقية أمس في حوارات حول مبادرة أطلقها رئيس البرلمان أسامة النجيفي للخروج من الأزمة، مقترحاً إجراء انتخابات مبكرة برعاية حكومة مصغرة تشرف عليها ولا تشارك فيها. ائتلاف «دولة القانون» رفض تشكيل حكومة جديدة، ووافق على إجراء انتخابات مبكرة تشرف عليها الحكومة الحالية بعد تحويلها إلى تصريف الأعمال. وقال النجيفي في بيان إن مبادرته تنص على «تقديم الحكومة استقالتها وتكليف حكومة مصغرة موقتة من مستقلين يحظر عليهم المشاركة في الانتخابات»، وتنص أيضاً على «حل مجلس النواب، تمهيداً لإجراء الانتخابات العامة وإفساح المجال أمام الشعب لاختيار ممثليه». ونقطة الخلاف الرئيسية حول الانتخابات المبكرة تتعلق بالحكومة التي تشرف عليها، إذ يصر «ائتلاف دولة القانون» بزعامة المالكي، على أنه في رئاسة الحكومة للإشراف على الانتخابات، على ما قال القيادي في الائتلاف سعد المطلبي. لكن الأطراف التي سبق وسعت إلى إقالة المالكي وتضم كتل «التحالف الكردستاني» و «العراقية» و «تيار الصدر»، تصر على أن تكون الانتخابات بإشراف حكومة انتقالية. وعلى رغم أن النجيفي أكد أن مبادرته هدفها حل الأزمة التي وصلت إلى مواجهة بين العشائر السنية الغاضبة والقوات الحكومية، إلا أن تقديمها في هذا الوقت يشير إلى أن الأطراف المعارضة للمالكي مقتنعة بأن الخريطة السياسية التي ستفرزها الانتخابات المقبلة لن تسمح لائتلاف المالكي باكتساح الساحة الشيعية وفرض حكومة غالبية، وهذا ما استنتجته من نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة. وخسر المالكي حوالى 38 مقعداً في الحكومات المحلية، على رغم تحالفه مع قوى جديدة، مثل «تيار الإصلاح» و «منظمة بدر» و «حزب الفضيلة» و «مستقلون»، لكنه استمر في تصدر نتائج الانتخابات. وكان رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، زار بغداد أمس وأجرى سلسلة حوارات مع زعيم «التحالف الوطني» إبراهيم الجعفري» والمالكي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي على التوالي. وجاء في بيان أن بارزاني والمالكي اتفقا على إقرار القوانين المهمة التي تساهم في حل «المشاكل العالقة» بين الطرفين، مثل قانون النفط والغاز. إلى ذلك، أعرب النجيفي «عن قلقه من استخدام قوات الجيش والأجهزة الأمنية ضد الشعب»، لكنه دعا النواب الأكراد الذين يقاطعون جلسات البرلمان، إلى العودة والمساهمة في العملية التشريعية والرقابية. وعن نتائج الحوار بين بغداد والإقليم، قال بارزاني إن الحوار ارتكز إلى ثلاثة مبادئ أساسية هي: الشراكة والتوازن والتوافق، وإن «الحوار لا يقتصر على المشاكل العالقة بين الإقليم وبغداد، بل يشمل الواقع العراقي ككل، والإقليم لا يرغب بحل مشاكله على حساب أي جهة اخرى». وجاءت الزيارة وسط اجواء التشنج بين بغداد وإقليم كردستان بعد إقدام الأخير على زج قوات من «البيشمركة» في مواقع انسحب منها الجيش العراقي في كركوك في أعقاب الأحداث الدامية التي شهدتها بلدة الحويجة. وأكدت مصادر سياسية ل «الحياة»، أن مشروع الانتخابات المبكرة كان حاضراً خلال الاجتماعات، وأن الأطراف قد تتفق على إجرائها مع تحويل الحكومة إلى تصريف الأعمال، لتغطية المتطلبات الأمنية. وكانت قوات من الجيش والشرطة الاتحادية وقوات «سوات» التابعة لمكتب القائد العام انتشرت امس في الأنبار، على رغم إعلان شيوخ عشائر المدينة تسليمهم ثلاثة متهمين بقتل خمسة جنود قرب ساحة الاعتصام.