على رغم انتقادات الصحافة المحلية في تونسوالجزائر سياسة قطر، استمرت الاستثمارات القطرية في البلدين وفي شمال أفريقيا عموماً في التوسع في شكل قياسي. وبعد الخضات السياسية المتتالية مع تونس في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، والتي وصلت إلى حد إقفال السفارة التونسية في الدوحة وتجميد الاستثمارات، انقلبت العلاقات إلى وضع معاكس، خصوصاً بعد وصول «الترويكا» التي تقودها حركة «النهضة» ذات التوجه الإسلامي إلى الحكم في 23 كانون الأول (ديسمبر) عام 2011. ولوحظ أن تسلم وزراء من «النهضة» حقائب الاقتصاد والاستثمار، أعطى دفعاً للاستثمارات القطرية المجمدة خصوصاً في محافظة توزر السياحية في الجنوب، وفي بحيرة «الغضابنة» على مشارف مدينة المهدية السياحية. كما أُعيد فتح ملف مصفاة النفط في الصخيرة التي كان القطريون يعتزمون إنشاءها في عهد بن علي، والذي تعثّر بسبب الخلافات السياسية. وبرز الاهتمام القطري الجديد، بتكثيف الاستثمار في تونس من خلال إعلان نائب رئيس مجموعة «رتاج» السياحية القطرية محمد جوهر بن المحمد خلال زيارته تونس أخيراً، أن المجموعة تدرس إنشاء ثلاثة إلى خمسة فنادق فخمة في العاصمة ومحافظات داخلية. وفي السياق ذاته، استحوذ المشغل القطري «أريدُ» (قطر للاتصالات سابقاً)، على 15 في المئة من مشغل الهواتف النقالة «تونزيانا»، وهي الحصة التي صادرتها الدولة بعد الثورة، وكان يملكها صهر الرئيس السابق بن علي. وقُدرت قيمة هذه الحصة ب 360 مليون دولار. فيما ارتفعت نسبة تملّك القطريين في «تونزيانا»، المشغل الأول في تونس مع 6.8 مليون مشترك، إلى 90 في المئة. وأظهرت أرقام الشركة، أنها حصدت فوائد قيمتها 100 مليون دولار العام الماضي، أي بزيادة 26 في المئة عن عام 2011. إلى ذلك، قرّر «صندوق قطر للصداقة»، منح تونس 100 مليون دولار لتمويل مشاريع تساعد الشباب العاطلين من العمل على تأسيس مشاريع. ولفت إلى أنها الدولة الثانية بين البلدان المستفيدة من تمويل الصندوق في العالم، بعد اليابان التي حصلت على 100 مليون دولار، لمواجهة أضرار زلزال تسونامي عام 2011. كما أنشأت مؤسسة «صلتك» التي تديرها الشيخة موزة قرينة أمير قطر، صندوقاً في تونس برأس مال 23 مليون دولار، لتمويل مشاريع صغيرة ومتوسطة تؤمن فرص عمل ل 2500 شاب عاطل من العمل. لكن الجزائر تستأثر بالحصة الأكبر من الاستثمارات القطرية في المغرب العربي، نظراً إلى إمكاناتها المالية وتعدادها السكاني (38 مليوناً). ويمكن القول إن حركة الاستثمار القطري في الجزائر، تلقت دعماً قوياً من زيارة رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال للدوحة الشهر الماضي، ووقع مع نظيره حمد بن جاسم آل ثاني أربعة اتفاقات استثمارية بقيمة 7.5 بليون دولار. الصناعة والطاقة وخصت الاتفاقات ثلاثة قطاعات، هي الصناعة والطاقة والمناجم، أبرزها مشروع لإنشاء مجمع للحديد والصلب في مدينة بلارة الواقعة في محافظة جيجل على البحر المتوسط. وقدّرت كلفته ببليوني دولار على أن يُنتج 5 ملايين طن من الحديد اعتباراً من عام 2017. وقضى اتفاق آخر، باستئجار شركة «سوناتراك» الجزائرية ناقلة للغاز الطبيعي المسيّل، بحمولة 117 ألف متر مكعب من مجموعتي «قطر للبترول» و»قطر غاز»، على مدى عشرين سنة بقيمة 450 مليون دولار. ونصّ الثالث على إنشاء مصنعين للأسمدة الفوسفاتية والأزوتية بقيمة 3.5 بليون دولار، الأول في ضواحي مدينة سوق أهراس شرق الجزائر، والثاني في المنطقة المنجمية حجر السد (شرق)، بالتعاون مع مجموعة «يارا» النروجية. أما الاتفاق الرابع فهو لإنشاء وحدة لتصنيع الأمونياك ونيترات الأمونيوم باستثمارات تُقدّر ببليوني دولار.