السياسة الأميركية الحالية في الشرق الأوسط تسير ضد كل مصلحة أميركية وعربية، وهذا ليس حكمي النهائي على إدارة باراك أوباما فما زلت آمل أن يغيّر الرئيس سياسته، إلا أن ما أرى اليوم هو إستمرار سياسة المحافظين الجدد، قتلة العرب والمسلمين، وإنما لابسة قناعاً هذه المرة. حيث يُفترض أن نرى سياسة اميركية ازاء سورية نجد غياب أي سياسة سوى تقديم مساعدات غير عسكرية، فيما يتجاوز عدد ضحايا الثورة مئة ألف. في العراق تركوا الحكم لرئيس وزراء عميل لإيران، بل ساعدوه على الوصول الى الحكم، والنتيجة أن إمدادات النظام السوري براً وجواً من إيران مفتوحة ومضمونة. في مصر ترى الإدارة الأميركية الجماعة تحاول أخوَنة مصر وتدمير ما بقي من القضاء المستقل، فتؤيد النظام الاخواني وتدعمه طالما بقي في معاهدة السلام مع اسرائيل. حتى في البحرين الصغيرة تضغط الإدارة الأميركية على الحكومة للتفاوض مع عملاء إيران الذين يسعون لإقامة نظام ولاية الفقيه ليحولوا بلداً مزدهراً الى إيران أخرى. هذه ليست سياسة الرجل الذي ألقى خطاباً في القاهرة سنة 2007 ووعد بمد يد الصداقة الى المسلمين في كل بلد، وعشنا لنرى الآمال المعقودة عليه تسقط واحداً بعد الآخر. ربما ما كنت كتبت هذا الكلام اليوم لولا صفقة السلاح الأخيرة بين الولاياتالمتحدة واسرائيل والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة. الصفقة بعشرة بلايين دولار، واسرائيل حصلت على ما تريد و»حبّتين» زيادة، والسعودية والامارات طلعتا بصفقة غبن، وهذا مع أن السعودية تستطيع أن تقصم ظهر الاقتصاد الاميركي والعالمي بقرار نفطي، وأن الامارات أقرب حليف للسياسة الخارجية الاميركية في المنطقة كلها. وزير الدفاع الأميركي تشك هاغل ذهب الى اسرائيل محمّلاً بالهدايا من نوع أحدث الصواريخ والرادارات وطائرات في 22-أوسبري لتمكين اسرائيل من الوصول الى المنشآت النووية الايرانية. وإذا كان هذا لا يكفي فقد أعلن هاغل أن اسرائيل لا تحتاج الى إذن اميركي لمهاجمة ايران، بل وعد بمساعدتها إذا فعلت. واسرائيل قطعاً تستطيع أن تستعمل السلاح الأميركي الجديد والقديم ضد العرب. في المقابل السعودية والامارات لم تحصلا على الصواريخ المتقدمة التي طلبتاها وهي من نوع اي جي ام-158. وهكذا فهما حصلتا على صواريخ باعت الولاياتالمتحدة مثلها في السابق، في حين حصلت اسرائيل على طائرات تصدّرها الولاياتالمتحدة للمرة الأولى. الصورة السابقة لا تكتمل إلا بتذكير القارىء العربي أن الإنحياز الاميركي لدولة عنصرية نازية جديدة محتلة ترتكب الجرائم بسلاح أميركي ومال، جاء على خلفية قرار للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي يعلن أن الولاياتالمتحدة ستقف الى جانب اسرائيل إذا اضطرت هذه الى اتخاذ إجراءات «شرعية» دفاعاً عن نفسها ازاء التهديد الايراني. السياسة الاميركية، سواء اللاسياسة التي يمارسها باراك اوباما، أو السياسة الاسرائيلية التي يتبناها الكونغرس، تؤذي العرب والمسلمين في الأرض والعرض والمقدسات، إلا أنها تضر بمصالح أميركا التي يبدو أن أعضاء الكونغرس يقدمون عليها مصالح اسرائيل. لن أعود الى تاريخ أو جغرافيا، وإنما الى خبر نُشِر بالتزامن مع الأخبار التي أشرتُ اليها في هذا المقال، فالإرهابي الشيشاني المراهق الذي بقي حياً، يرد على أسئلة المحققين كتابة بعد أن فقد القدرة على النطق لإصابته برصاصة في عنقه الأرجح أنه أطلقها. وبين أول ما كتب من ردود كان أن العمل الإرهابي سببه الهجوم الاميركي على أفغانستان والعراق. السياسة الأميركية ازاء العرب والمسلمين مكتب تجنيد للإرهابيين حول العالم، وسيبقى هناك محرضون إرهابيون وشبان ضالون مضلَّلون يستهدفون أميركا ومصالحها في كل بلد طالما أن السياسة الأميركية خنجر في صدر كل مسلم وظهره. لا تزال عندي بقية من أمل بأن يرى الأميركيون أن سياستهم في الشرق الأوسط تعمل ضد مصالحهم. [email protected]