زادت وتيرة الانتقادات الموجهة من التيار السلفي في مصر إلى جماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة، ليخسر «الإخوان» قطباً مهماً في التيار الإسلامي وسط صراعات لا تنتهي بين الجماعة والمعارضة الليبرالية واليسارية ومؤسسات أبرزها القضاء. وبعد تحالف قوي بين «الإخوان» والسلفيين في أعقاب انتخاب الرئيس محمد مرسي، بدأت الخلافات تطفو على السطح مع إقالة مستشار الرئيس السلفي خالد علم الدين واستقالة القيادي في حزب «النور» السلفي بسام الزرقا من الهيئة الاستشارية للرئيس. وحزب «النور» هو أول حزب سلفي يُؤسس في مصر بعد الثورة، ويعد الذراع السياسية لجماعة «الدعوة السلفية»، الرافد السلفي الأبرز في البلاد. وبدا أن الانشقاقات التي دبت في صفوف حزب «النور» قبل أشهر وانتهت باستقالة رئيسه السابق مساعد رئيس الجمهورية عماد عبدالغفور وتشكيله حزب «الوطن» كانت «فاتحة الأزمة» بين الجانبين، في ظل تكهنات بدور ل «الإخوان» فيها لتفتيت الحزب السلفي الأكبر الذي حل ثانياً في البرلمان المنحل بعد الثورة، وعُد المنافس الأبرز للجماعة على الصوت الإسلامي. وتحول «النور» تدريجياً من «حليف» إلى «معارض» بعدما تبنى غالبية مطالب «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة المتمثلة في إقالة حكومة هشام قنديل والنائب العام طلعت عبدالله وتشكيل حكومة ائتلافية محايدة للإشراف على الانتخابات، واتخذ أخيراً موقفاً مناهضاً ل «الإخوان» في خلافهم مع السلطة القضائية برفضه مشروع قانون السلطة القضائية الذي يُخفض سن تقاعد القضاة، وعارض المشروع نواب الحزب في مجلس الشورى الذي يتولى سلطة التشريع موقتاً. كما سارع الحزب إلى إعلان مقاطعته التعديل الوزاري المقرر الانتهاء منه الأسبوع الجاري. وقال إنه لن يقدم مرشحين لأي منصب لأن التعديل «غير مجدٍ... ولا يكفي لمعالجة الأزمة السياسية في البلاد»، موضحاً أنه «يريد تغيير الحكومة بأكملها وليس مجرد بضع وزارات». وتحدث نائب رئيس جماعة «الدعوة السلفية» ياسر برهامي عن «خلافات قديمة وتاريخية» بين السلفيين وجماعة «الإخوان». وقال في مقابلة مع قناة «العربية» أول من أمس إنه في وقت الانتخابات الرئاسية كانت هناك مخاوف للسلفيين من فوز مرسي بالرئاسة، خشية أن يسيطر فصيل إسلامي واحد على السلطة، محذراً من «استخدام ملف الأخونة في تدمير مستقبل مصر»، في إشارة إلى زيادة أعداد القيادات «الإخوانية» في مؤسسات الدولة. وفي حين رفض القيادي في «النور» أشرف ثابت الحديث عن تلك الخلافات التاريخية، أوضح ل «الحياة» أن علاقة حزبه بالذراع السياسية لجماعة «الإخوان» حزب «الحرية والعدالة» تقوم على أنه «ليس حليفاً استراتيجياً ولا خصماً استراتيجياً... حزب النور يبحث عن المصلحة التي تتوافق مع مرجعيته وتحقق مصلحة البلاد العليا، ونسعى إلى تحقيق هذه المصلحة أينما كانت، وبالتالي ليس لدينا منهج ثابت إزاء الأحزاب، والحرية والعدالة بالنسبة إلينا مثله مثل أي حزب سواء سلفي أو مدني». وأضاف أن «هناك قضايا عدة تسبب الاحتقان في الشارع السياسي، منها مثلاً ملف الحكومة والإشراف على الانتخابات المقبلة والنائب العام والتعامل مع السلطة القضائية، وهذه القضايا نتعامل معها من منطلق سياسي». وتوقع الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» عمرو هاشم ربيع أن يزيد الاحتقان بين «الإخوان» والسلفيين مع انطلاق الانتخابات البرلمانية المتوقعة في أيلول (سبتمبر) المقبل. وقال ل «الحياة» إن أبرز الملفات التي تساعد في زيادة هوة الخلاف بين الطرفين هي «أخونة أجهزة الدولة، وعلاقة الإخوان مع إيران والتشيع، وعلاقة حزب النور مع جبهة الإنقاذ». وأوضح أن «الخلافات بين السلفيين والإخوان متجذرة وقديمة، منها ما هو فقهي وما هو سياسي، لكن هذه الخلافات توارت خلال حملة انتخابات الرئاسة رغبة في تمكين التيار الإسلامي وإنجاح مرشح ذي مرجعية إسلامية، وعادت إلى الواجهة مع الممارسة السياسية». ورأى أن العلاقة بين «الإخوان» وإيران «من أكثر الملفات التي تثير غضب السلفيين... هم يخشون فتح أبواب مصر للإيرانيين كي لا يتشيع الشعب المصري، وهذا منطق غريب لأن الأزمة الاقتصادية تجعلك في حاجة إلى السياحة الإيرانية التي لن تصدر بأي شكل من الأشكال المذهب الشيعي».