كثيراً ما تصطدم أبصار الفضوليين بهذه العبارة المخيفة (ممنوع التصوير، ممنوع الوقوف) وأحياناً (ممنوع التصوير، ممنوع الوقوف، ممنوع الاقتراب!)، استوعب عقلي منع التصوير والوقوف أمام تلك المنطقة المحظورة، لكنني عجزت عن فهم مغزى عبارة ممنوع الاقتراب! هل ضمت تلك الأسوار الغامضة مادةً سريعة الاشتعال تستلزم من المار بحذائها ألا يقترب منها مثلاً، لأنها خطرة وسريعة الاشتعال؟! لم تتغير عقلية منع التصوير في ظل كشف المستور بتقنيات «الجوجل إيرث» وأقمار التجسس الاصطناعية من الجيل الحديث! لدرجة أن الهند دشنت قمرها الخاص بالتجسس، وهو حلقة من سلسلة أقمارٍ أخرى أطلقت من قبل! ولأننا نعشق الأسوار العالية، لمنع الحسد أولاً وقبل كل شيءٍ، فالعين حق بطبيعة الحال! فإن تلك العبارات تضفي زخماً وبعداً أمنياً على السور الذي علقت على أركانه عبارات: ممنوع التصوير يا فضولي! وإذا قادتك خطاك العاثرة إلى احتراف مهنة التصوير يوماً لتصيب من خلالها رزقاً قد يسوقه الله لك، أو رغبةً شخصيةً منك في خوض غمار الفن التجريدي الحقيقي للصحراء القاحلة، والزواحف الكئيبة ذات الوجه البائس العابس، من سحالٍ وضبان وضواطير حتى! بعدستك الحديثة بعيدة المدى، فقد يلقى القبض عليك بتهمة التجسس وجمع المعلومات بطريقةٍ غير شرعيةٍ، من المجمعات الأمنية الحساسة، حتى ولو كنت على بعد خمسة كيلومتراتٍ أو أكثر من الموقع العسكري، فعدسة الكاميرا تهمة سافرة تمشي بلا قدمٍ. وأحياناً قد تصطدم بجدار المنع لمجرد المنع فقط دون إبداء الأسباب اللازمة لأوامر المنع، ففي محافظة المجمعة - وعلى ذمة صحيفة محلية - منع قيم على أحد الآثار في المنطقة، طلاب مدرسةٍ من التقاط صورٍ تذكاريةٍ للموقع، ولم يكتفِ حارس الآثار الهمام بقراره الجمهوري بالمنع، بل امتدت يده إلى الكاميرا بالمصادرة! كنت في المتحف الوطني وسط مدينة الرياض ذات مساء، مصطحباً كمرتي الشخصية وخشيت أن أمنع أو أن تتعرض الكاميرا للمصادرة بحجة التقاط صورٍ لذوات الخدور في ردهات المتحف، غير أن موقف التصوير انتهى على خيرٍ. وفي هذا يحضرني أمر منع التصوير في المتحف المصري بالقاهرة، فالمنع هنا فيه تفصيل غريب! إذ يقول الأمر: يمنع استخدام الفلاش في الأماكن المظلمة التي تحتوي على كنوزٍ من ذهبٍ، وحجة قرار المنع هذا أن ضوء الفلاش يؤثر سلباً في تلك الكنوز بسلبه بريقها! بالتالي يمكنك أن تلتقط صوراً باهتةً لتلك الآثار القيمة، أو قم بتخزينها في ذاكرتك الكليلة!