دعا الرئيس اللبناني ميشال سليمان الى «عدم السماح بإرسال أسلحة أو مقاتلين الى سورية وعدم السماح بإقامة قواعد تدريب داخل لبنان»، في تعليقه على تزايد تورط «حزب الله» في القتال في سورية وفي محيط مدينة القصير القريبة من الحدود، وعلى الدعوات من مشايخ سنّة لبنانيين الى تشكيل مجموعات مضادة «للجهاد» في سورية . وإذ اعتبر سليمان أن موقفه هذا ليس التزاماً ب «إعلان بعبدا» الصادر عن «هيئة الحوار الوطني» الصيف الماضي فحسب، لكنه أيضاً لتجنيب العيش المشترك أي اهتزاز او اضطراب، فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جدد أمس التمسك بسياسة النأي بالنفس معتبراً أنها جنّبت لبنان أزمة كبيرة داعياً الى المضي في هذه السياسة. وفيما كان الرئيس السوري بشار الأسد انتقد سياسة النأي بالنفس الأحد الماضي أثناء استقباله وفداً من الأحزاب الحليفة لسورية، رأى رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط أن «انغماس بندقية المقاومة في مستنقع الوضع السوري في غير محله، ودعم نظام قام بمجازر في حق الأبرياء يشوّه المسيرة النضالية لهذه المقاومة». وقال إن الوضع السوري يبرز مجدداً أهمية سياسية النأي بالنفس. كما استنكر الدعوات المقابلة الى «الجهاد» في سورية، مؤكداً تلاقيه مع «الموقف المهم الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري». ورأى جنبلاط أن هذه الدعوات تخدم النظام السوري. ورفض المنسق السياسي والإعلامي في الجيش السوري الحر «أي دعوة للجهاد في سورية وأي وجود لمقاتلين أجانب من أي مكان أتوا». وفي إطار الانشغال اللبناني الداخلي بتداعيات مشاركة «حزب الله» في المعارك في سورية، ودعوات قوى أخرى مقابلة الى نصرة الثوار السوريين التي رفضها الكثير من كبار المسؤولين والقوى السياسية، توقفت مصادر مراقبة أمام تشديد الرئيس سليمان على عدم السماح بإقامة مخيمات تدريب في لبنان، معتبرة أنه يسعى بذلك الى قطع دابر أي محاولات من هذا النوع قد يلجأ إليها بعض الفرقاء المحايدين. وبموازاة هذا الانشغال بتلك التداعيات استمرت الاتصالات أمس من قبل الرئيس المكلف تأليف الحكومة تمام سلام على خط التوافق حول شكل الحكومة تمهيداً للبحث في أعداد الوزراء وصيغة توزيع التمثيل. وقالت مصادر مواكبة للاتصالات إن الأجواء السائدة في البلد جراء الانقسام على الموقف من الأزمة السورية ومشاركة فرقاء لبنانيين، لا سيما «حزب الله» في معارك في الداخل السوري باتت تفرض نفسها على أي حكومة قد تنشأ بحيث يوجب الأمر التزام الأطراف بسياسة الناي بالنفس لأن الأمر بات يمس السلم الأهلي في البلد. واستقبل الرئيس سلام مساء المسؤول السياسي في «التيار الوطني الحر» وزير الطاقة جبران باسيل ليبحث معه في شكل الحكومة، فيما قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال النهار إن «الأجواء إيجابية وتحتاج الى المزيد من الجهود» في ما يخص تأليف الحكومة. وعلمت «الحياة» أن «حزب الله» وحركة «أمل» كانا علّقا قبولهما بالمبادئ التي يسعى على أساسها سلام تشكيل حكومته أي من غير المرشحين للانتخابات ومن السياسيين غير الحزبيين، على موقف زعيم «التيار الحر» العماد ميشال عون، خصوصاً أن الوزير باسيل كان صرح بأن مبدأ توزير غير المرشحين هدفه استبعاده هو وعدد من وزراء التيار. وقال باسيل ل «الحياة» إثر انتهاء اجتماعه مع الرئيس سلام إنه كان جيداً و «للمرة الأولى تحدثنا في صيغ الحكومة». وأضاف: «هناك مبادئ أساسية بالنسبة إلينا هي وجود حكومة وفاق يتمثل فيها الجميع. والرئيس المكلف يصر على أن يتمثل الجميع. ونحن نعتبر أن الرئيس سلام بشخصه يشكل فرصة للبلد ونحن متمسكون به وسنسهل مهمته ونريد نجاحه». وحين سئل عن الموقف من مبادئ الرئيس المكلف تأليف الحكومة من غير المرشحين للانتخابات وغير الحزبيين قال باسيل: «هذه تفاصيل، نناقشها. هناك أشياء تحتاج الى بحث ونقاش...». وكرت سبحة المشاورات أمس فاستقبل سلام النائب طوني كرم والوزير السابق سليم وردة عن «القوات اللبنانية» ثم الوزير السابق ميشال فرعون عن كتلة نواب الأشرفية، ثم وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال مروان خير الدين ونائب رئيس الحزب الديموقراطي مروان أبو فاضل اللذين أوفدهما رئيس الحزب الأمير طلال أرسلان. وقالت مصادر مطلعة إن سلام بحث مع هؤلاء الفرقاء صيغة الحكومة ومبادئ تأليفها ولم يطلب منهم ترشيح أسماء معينة. وفي حين تكتمت مصادر سلام على نتائج لقاءاته التي ستستمر مكثفة في الأيام المقبلة، أوضحت أنه بعد حسم موقف الفرقاء جميعاً من صيغة الحكومة قد ينتقل البحث الى التوازنات في داخلها في ضوء ما تلقاه من وعود بتسهيل مهمته في ظل إصراره على عدم التأخر في تشكيل الحكومة.