شهد العراق لليوم الثاني على التوالي مزيداً من الهجمات على قوات الأمن والجيش «انتقاماً» لضحايا حادثة الحويجة الدامية التي شيع قتلاها، وسط غضب عارم ودعوات للثأر. وقتل أمس في أعمال عنف متفرقة 12 شخصاً على الأقل، هم تسعة عناصر امن وثلاثة مسلحين، في هجمات واشتباكات استخدم الجيش في إحداها المروحيات. ومع سقوط هؤلاء الضحايا، يرتفع إلى 66 على الأقل عدد قتلى أعمال العنف بين قوات الأمن ومجموعات من المتظاهرين والمسلحين والتي اندلعت عقب مقتل 25 متظاهراً وجنديين خلال اقتحام ساحة الاعتصام في قضاء الحويجة. ويخشى مراقبون أن تتمدد هذه المواجهات التي تحمل صبغة مذهبية إلى مناطق أخرى تقام فيها اعتصامات معارضة منذ نهاية العام الماضي، وأن تزيد من وتيرة العنف في بلاد تعيش على التفجيرات وحوادث القتل اليومي منذ غزوها عام 2003. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ضابط رفيع المستوى في الجيش قوله إن «أربعة جنود وضابطاً برتبة نقيب قتلوا وأصيب خمسة آخرون خلال اشتباكات مع مسلحين في ناحية سليمان بيك». وأضاف أن «الاشتباكات تخوضها قواتنا بالاستعانة بمروحيات ومعدات مختلفة». وأكد قائمقام قضاء طوزخرماتو شلال أن الطريق الرئيسي عند ناحية سليمان بيك قطع بالكامل بسبب الاشتباكات. إلى ذلك، اكد ضابط آخر في الجيش أن الاشتباكات «امتداد لاقتحام ساحة اعتصام الحويجة». وقالت النائب عن التحالف الكردستاني أشواق الجاف في بيان أن عشرات الأشخاص أصيبوا «بقصف بعض القرى بالطائرات» في منطقة سليمان بيك. وتابعت: «صدرت أوامر إلى القوات الأمنية بإخلاء الأسر من ناحية سلميان بيك التي تسكنها غالبية تركمانية في محافظة صلاح الدين، بعد سقوط قرية في أيدي المسلحين». وقتل أمس أيضاً أربعة من عناصر «الصحوة» وأصيب خامس في هجوم استهدف نقطة تفتيش في قضاء الخالص الواقع على بعد 20 كلم شمال بعقوبة، على ما أعلنت مصادر عسكرية وطبية، مؤكدة ارتباط الهجوم بحادثة الحويجة. وفي الموصل (350 كلم شمال بغداد)، قال الملازم أول قاسم اللهيبي من الشرطة إن «جندياً أصيب في هجوم مسلح استهدف مركزاً انتخابياً في قرية كحيلة التابعة لناحية الكيارة» (50 كلم جنوب الموصل). وأضاف أن «احد عناصر الشرطة أصيب في هجوم استهدف نقطة تفتيش في ناحية تل عبطة» (25 كلم غرب الموصل). وأشار إلى مقتل المهاجمين وهم ثلاثة مسلحين كانوا يستقلون سيارة مدنية، مشدداً على أن هذين الهجومين يمثلان «ردود فعل على حادثة الحويجة». في هذا الوقت، شيع المئات من أهالي محافظة كركوك ضحايا الحويجة. وسارت على الطريق الرئيسي أمام مبنى مجلس محافظة كركوك عشرات السيارات وسط حشود أهالي المحافظة الذين حملوا نعوش 34 من قتلى اشتباكات أول من أمس، وسط إجراءات أمنية مشددة. وهتف المشيعون «لبيك يا عراق» و»الله اكبر» و»سننتقم لشهداء الحويجة». وبدا الغضب واضحاً على الحشود التي سارت على مدى ساعة في طريقها إلى مقبرة الحويجة حيث المثوى الأخير للضحايا. وقال محافظ كركوك بالوكالة راكان سعيد، خلال التشييع إن «ما حدث مجزرة والوضع مأسوي وخطير وينبغي العمل على حلحلته لأن ما حدث سابقة خطيرة لا يمكن تحمل نتائجها». وفي أعمال عنف منفصلة، قال مصدر في وزارة الداخلية إن «ثلاثة أشخاص، اثنان من الشرطة ومدني، قتلوا وأصيب ثمانية آخرون بينهم احد عناصر الشرطة في انفجار سيارة مفخخة استهدفت دورية» في الطارمية. من جهة أخرى، قتل 13 شخصاً وأصيب 39 أول من أمس في هجومين استهدفا مسجدين سنيين، على ما أفادت مصادر أمنية وطبية. وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة إن «تسعة أشخاص قتلوا وأصيب 25 اثر سقوط قذائف هاون في باحة مسجد محمد رسول الله السني في المقدادية» الواقعة على بعد 25 كلم شمال شرقي بعقوبة (60 كلم شمال شرقي بغداد). وأكد مصدر طبي في مستشفى المقدادية حصيلة الهجوم الذي وقع بعيد صلاة العشاء. وكانت حصيلة سابقة أشارت إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة 20. وفي وقت سابق، اعلن مصدر في وزارة الداخلية أن «أربعة أشخاص قتلوا وأصيب 14جراء انفجار عبوتين « قرب مسجد جنوب غربي بغداد». وأضاف أن «الانفجارين وقعا لدى خروج المصلين من مسجد الأرقم بن الأرقم الواقع في حي الميكانيك التابع لمنطقة الدورة». في الفلوجة، اطلق متظاهرون مناهضون للحكومة جنديين من الجيش بعد احتجازهما قرب مدينة الرمادي، على ما أفاد الثلثاء احد منظمي التظاهرات ومصدر. وكان المتظاهرون احتجزوا الجنديين بعد ظهر الثلثاء اثر وقوع اشتباكات دامية بين قوات الأمن العراقية ومتظاهرين آخرين في قضاء الحويجة. وقال عبد الرزاق الشمري، وهو عضو لجنة تنظيم الاعتصامات في الرمادي (100 كلم غرب بغداد):»سلمنا الجنديين إلى المستشفى لأن احدهما وهو من أهالي الأنبار مصاب والثاني من أهالي محافظة الناصرية (جنوب بغداد) مصاب بصدمة نفسية». وأكد الطبيب احمد العاني في مستشفى الرمادي «تسلم الجنديين»، موضحاً أن «الجندي الجريح يخضع للعلاج، فيما غادر الجندي الثاني إلى محافظته». وقال الملازم أول في شرطة الأنبار إبراهيم فرج إن «ستة جنود قتلوا وأسر سابع خلال هجوم مسلحين ملثمين على مدرعتين للجيش قرب مركز الاعتصام القريب من الرمادي». وأكد أن «الجندي الأسير محتجز داخل ساحة الاعتصام».