في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن "نجاح" الإستراتيجية العسكرية لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسورية، لا يزال الأخير يتقدم "بسهولة" في محافظة الأنبار العراقية، مواصلاً الضغط على القوات الحكومية، ومنذراً ب"سقوط المحافظة" بالكامل تحت سيطرته. الى ذلك، تعالت الأصوات الرسمية المطالبة بتدخل بري لكبح تقدمه، مع استمرار الإصرار الأميركي على "اقتصار الإستراتيجية العسكرية على القصف الجوي"، الأمر الذي "يصعّب المعركة في الأنبار". واقرّت وزارة الدفاع الاميركية اليوم الثلثاء بأن تنظيم "داعش" يتحرك بحرية في محافظة الانبار العراقية، ويزيد الضغوط على قوات الحكومة، على الرغم من مرور شهرين على بدء غارات التحالف بقيادة واشنطن. وقال الناطق بإسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) الكولونيل ستيفن وارن للصحافيين إنها "معركة صعبة في الانبار". وتمكن التنظيم من ارغام القوات العراقية على التراجع في المحافظة خلال الاسابيع الاخيرة، وفرض سيطرته على مدينة هيت غرب العاصمة بغداد. وحتى قبل هذه المعركة الاخيرة، كان التنظيم يسيطر على الفلوجة على بعد خمسين كيلومتراً غرب بغداد وعلى القسم الاكبر من الصحراء الى الغرب منها، وحتى الحدود السورية. وقال وارن إن "التنظيم لديه القدرة على المناورة بحرية في الانبار، ويواصل الضغط على قوات الامن العراقية في كل انحاء المحافظة". واقر الناطق بأن "قاعدة الأسد الجوية في الانبار مهددة"، لكنه قال إن "التصدي للمقاتلين المتطرفين يتوقف على قوات الامن العراقية بمساعدة الضربات الاميركية". وأضاف أنها "معركة العراق. العراقيون يسيطرون الآن على (قاعدة) الأسد. سنواصل استخدام القوة الجوية في اي وقت ملائم". ورداً على سؤال إن كانت القوات العراقية قادرة على صد الهجوم على الانبار، قال "من الصعب القول ما اذا كانت الانبار تقترب من السقوط. المسألة موضع جدل". واشار الى أن "هناك حوالى 1400 جندي اميركي في العراق بمن فيهم مئات من المستشارين، ولكن لا يوجد اي منهم مع الوحدات العراقية في الانبار". وتتواجد فرق المستشارين في بغداد او اربيل في كردستان العراق. وخلال الاحتلال الاميركي للعراق بعد الغزو في 2003، شكلت "الأسد" قاعدة للقوات الاميركية بما فيها فوج كبير من مشاة البحرية وسرب من الطائرات والآليات. وجاءت هذه التصريحات بعيد إعلان البيت الابيض تحقيق "نجاح في الاستراتيجية" التي وضعتها الولاياتالمتحدة لمواجهة التنظيم في العراق وسورية. وقال الناطق بإسم البيت الابيض جوش ارنست: "نحن لا نزال في الايام الاولى من وضع هذه الاستراتيجية، الا ان العناصر التي نملكها حتى الآن تفيد بأنها تحقق نجاحا". واضاف أنها "جهود على الأجل الطويل، كما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ أسابيع". ويجتمع القادة العسكريون من 22 بلداً في اطار الائتلاف المناهض للتنظيم في قاعدة جوية قريبة من واشنطن، بعد اكثر من شهرين على بدء حملة الضربات الجوية. وتابع قائلاً إنه "لم يعتقد احد ابداً ان مثل هذه الغارات الجوية ستغير جذرياً الوضع على الارض بين ليلة وضحاها"، مؤكداً أن "دعم القوات القتالية على الارض ضروري"، مؤكداً أنها "لن تكون اميركية". ورداً على سؤال بشأن تكثيف الغارات الجوية في الايام الماضية قرب مدينة عين العرب المعروفة بكوباني الكردية في شمال سورية، قال ارنست إنها "استمرار للإستراتيجية". وعلى الرغم من الغارات اليومية التي تشنها الطائرات الاميركية وحلفاؤها، وصل الجهاديون للمرة الاولى الى وسط كوباني وفقاً للمرصد السوري لحقوق الانسان. ونظم اعلى مسؤول في الجيش الاميركي الجنرال مارتن ديمبسي الثلثاء لقاء غير مسبوق في قاعدة اندروز (ميريلاند شرق) في ضاحية واشنطن. ويتوقع ان ينضم الرئيس باراك اوباما الى الاجتماع في وقت لاحق للبحث في "التدابير الاضافية التي يمكن للائتلاف اتخاذها لاضعاف تنظيم الدولة الاسلامية وتدميره في نهاية المطاف" وفقاً للادارة الاميركية. ميدانياً، شنت طائرات بقيادة الولاياتالمتحدة 21 غارة جوية على مقاتلي التنظيم قرب مدينة كوباني السورية، اسفرت عن "ابطاء" تقدمه، وفق القيادة الأميركية الوسطى. وفي احدى اعنف جولات القصف حتى الان ضد التنظيم الذي يحاصر مدينة كوباني، "دمرت" الضربات الجوية التي شنها التحالف منطقتي تجمع لمقاتلي التنظيم، ومبنى، وشاحنة، وعربتين، وثلاثة مجمعات، كما الحقت اضراراً بالعديد من الاهداف. وقصف التحالف في غارة جوية اخرى في شرق سورية مصفاة صغيرة للنفط، وفق القيادة. الى ذلك، سجل مقاتلو التنظيم تقدماً في محافظة الانبار حيث لا يزال الجيش العراقي يمنى بالانتكاسات. واعلن مسؤول من الشرطة المحلية في مدينة هيت في محافظة الانبار أن "قضاء هيت الذي كان احد المعاقل الاخيرة للحكومة في المحافظة بات تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية 100في المئة". واشارت الاممالمتحدة الى أن المعارك من اجل السيطرة على المدينة في وقت سابق "ادت الى نزوح 180 الف شخص". واعتبر نائب رئيس مجلس محافظة الانبار فالح العيساوي أنه "يمكننا القول أن الانبار باتت خاضعة بنسبة 85 في المئة تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية" الذي يضيق الخناق على الرمادي كبرى مدن المحافظة. وحذر العيساوي من انه اذا استمر الوضع على هذا النحو من دون تدخل بري لقوات اجنبية في الايام العشرة المقبلة، فان المعركة المقبلة ستكون "على ابواب بغداد". وتواصل مسلسل السيارات المفخخة في بغداد، اذ قتل 25 شخصاً على الأقل بينهم نائب شيعي في تفجير سيارة ملغومة هو الثالث من نوعه خلال أربعة أيام في حي الكاظمية في العاصمة العراقية. وأعلنت الشرطة ومسعفون أن "احمد الخفاجي وهو عضو ايضاً في كتلة بدر الشيعية كان ضمن 25 شخصاً قتلوا في الانفجار". وقالت "كتلة بدر" إن "الخفاجي نائب سابق لوزير الداخلية". وكانت تقارير سابقة أفادت أن عدد القتلى وصل الى 18 شخصاً.