دان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تدخل «حزب الله» في القتال في سورية، كما دان الدعوات التي أطلقها مشايخ لبنانيون للجهاد في سورية. وعلق في مؤتمر صحافي أمس، على القصف الذي يطاول منطقة الهرمل من الأراضي السورية، رافضاً «أي تعد على أي شبر من أراضي لبنان، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نحكم على أمر قبل أن نضعه في إطاره الطبيعي». وقال: «في الأشهر الأولى للثورة اقتصر تدخل بعض الأطراف اللبنانية في سورية على مجموعات صغيرة وغير حزبية، وكلنا نذكر مجزرة تلكلخ، وكنا نعرف أن حزب الله كان أيضاً يتدخل، لكن حدود تدخله لم تكن واضحة». وإذ رأى أن «موقف الحكومة اللبنانية التي كان لحزب الله أكثرية فيها، وهو النأي بالنفس، حكيم ويجب أن نستمر به»، قال إن «في الأشهر الأخيرة تكاثرت المعلومات عن تدخل أكبر لحزب الله، في حين انحسرت الأخبار عن تدخل بقية المجموعات التي كانت تدخل من الشمال وغيره. وفي الأيام الأخيرة أخذ تدخل «حزب الله» في الأزمة السورية بعداً استراتيجياً». وتمنى على المسؤولين في الحزب «أن يتم بحث الأمور في شكل جدي»، معتبراً أن «قول بعضهم إن ما يجري دفاع عن لبنانيين في القرى الشيعية فيه انتقاص للعقول وغش للبنانيين. فلو كان ما يقال صحيحاً، كيف نفسر العشرات وربما المئات من الشبان اللبنانيين الذي يقتلون في سورية ويدفنون مرة في بعلبك ومرة في اللبوة والجنوب؟ وكلنا لدينا لوائح الجنازات في الأسابيع الأخيرة في قرى في الجنوب بعيدة جداً عن أماكن القتال». وأضاف: «بالأمس خطف مسلحون مطرانين في حلب، تصوروا أن ينظم المسيحيون في لبنان حملة ويدخلوا حلب ويحاولوا خطف أشخاص لمبادلتهم بالمطرانين. هذا ما يوصلنا إليه المنطق الذي يدعيه بعض مسؤولي حزب الله في حال اعتبرناه صحيحاً وهو ليس كذلك». وأكد أن «اللبنانيين الذين يتحدث عنهم حزب الله بأكثريتهم سوريون يحتفظون بجنسياتهم اللبنانية». ولفت جعجع إلى وجود مصالح لرعايا عرب «وبالأخص قطريين وإماراتيين وسعوديين وعراقيين يقيمون في سورية، تصوروا أن تقوم الدول العربية المعنية بتدخل عسكري في سورية للدفاع عن مواطنيها». وأوضح أن القرى التي يتحدث عنها «حزب الله» لا تزيد عن ثمانية وهي مزارع صغيرة». وتابع: «إذا سلمنا جدلاً بأن الحزب لا يقوم إلا بالدفاع عن القرى الشيعية، كيف نفسر وجوده في دمشق، وقوله إنه يدافع عن مقام السيدة زينب؟ فلندع اذاً السنة يدافعون عن مقاماتهم والمسيحيين عن كنائسهم ومقاماتهم». وتحدث عن «لقاء نصرالله- خامنئي»، معلناً أن «إيران تعتبر أن سقوط النظام السوري هو سقوط لكل نفوذها في المنطقة وخارج حدودها. هم يعتبرون انه إذا سقط الأسد سيحصل خطر كبير على نظام المالكي في العراق، ومنذ الآن بدأت الأحداث في العراق. في هذه الحال يصير حزب الله جزيرة صغيرة في العالم معزولة وبعيدة جداً من إيران. وبالتالي بحسب تحليلاتهم ذلك يعني نجاح أميركا والغرب في إرجاع إيران إلى داخل حدودها، لذلك أخذت إيران قرار الدفاع عن الأسد حتى آخر جندي في حزب الله وليس آخر جندي إيراني». اين لبنان مما يحصل؟ وحذر جعجع من «تبعات تدخل حزب الله في سورية، فالجيش السوري الحر والائتلاف السوري على لسان أحد أكثر أعضائه اعتدالاً جورج صبرا يقول إن هذا إعلان حرب. ومن هذا المنطلق نفهم سقوط القذائف على الهرمل من دون أن يعني ذلك أننا نقبل بها». وقال: «بالأمس خرج الشيخ الرافعي في الشمال والشيخ الأسير في الجنوب ليعلنا الجهاد في القصير في سورية، انطلاقاً من قتال حزب الله في ريف القصير. لبنان أين في ظل ما يحصل؟». وزاد: «ما يحصل عملية خطيرة ولا يمكن أن يسمح باستمرارها. السلطة اللبنانية مسؤولة ويمكنها أن تقوم بأمور كثيرة». وأسف ل «ما يقول بعض مسؤولي حزب الله عن أن الجيش مقصر ولماذا لا يرد على مصدر القذائف على الهرمل، أنا أعتبر أن الحكومة والدولة مقصرة لأنها سمحت ببقاء جيش على أرضها يأكل من سلطتها ويأخذ القرارات التي يريدها ويعتبر أن الجيش والحكومة أدوات مساندة». وحض رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال على الدعوة لجلسة عاجلة لمجلس الوزراء «يخرج بقرار واضح بالطلب من حزب الله وكل المجموعات عدم التدخل، وتعتبر الحكومة أن موقفها النأي بالنفس هو الرسمي». وانتقد دعوة أحد مسؤولي «حزب الله» للمطالبة باعتبار قتلى «حزب الله» في سورية شهداء لكل لبنان، وقال: «هل أنتم مستعدون لاعتبار قتلى تلكلخ شهداء؟». وتحدث جعجع عن عدم التزام «حزب الله» بنتائج الحوار الذي عقد في حزيران (يونيو) الماضي في بعبدا، سائلاً رئيس الجمهورية: «أين إعلان بعبدا ولماذا كان الحوار؟». وتطرق إلى قضية النازحين السوريين، وقال إن «مشكلة اللاجئين صارت أكبر بكثير من لبنان. بين أعداد العمال الموسميين وبين النازحين صار في لبنان أكثر من مليون إنسان، في وقت أن البنى التحتية في لبنان لا تحتمل ذلك»، داعياً إلى «معالجة رسمية جدية وعميقة». ودعا إلى «حل على مستوى حكومة تصريف الأعمال. ولم يعد هناك إلا حل واحد يتفاهم عليه الأردن وتركيا ولبنان ويذهبون إلى مجلس الأمن ويطالبون بإقامة مناطق دولية عازلة (داخل سورية) على الحدود السورية مع الدول الثلاث، وبحماية دولية». ايدنا حكومة مصغرة وقال جعجع إن تكليف الرئيس تمام سلام تشكيل الحكومة جرى «بتفاهم بين قوى 14 آذار والنائب جنبلاط»، وأشار إلى توجه سلام «وأيدناه أن تكون حكومة مصغرة منسجمة تقنية بعيدة من كل محاصصة. ونكون ككتل نيابية بعيدين من تشكيلها». وانتقد حديث «الفريق الآخر عن الإقصاء». وقال: «إذا وجدنا في البيان الوزاري عبارة شعب وجيش وحزب الله، لن نعطي الثقة». ودعا رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف إلى أن «نشكل حكومة على هذه الطريقة ولنترك الكتل النيابية تتحمل مسؤولية عدم إعطائها الثقة. وليطرحا في أقرب وقت التشكيلة التي يقتنعان بها على البرلمان، وإذا رأينا فيها وجوهاً خنفشارية نحجب الثقة». وشدد على «إجراء الانتخابات في موعدها مع تأجيل تقني إذا تطلب الأمر ذلك»، وقال: «أمامنا حل وحيد القانون المختلط الذي لا اعتراض كبيراً عليه بالمبدأ. ويبقى الفرق بالتفاصيل»، مطالباً رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالدعوة إلى جلسة قبل 19 أيار (مايو) المقبل «ونطرح قانون الانتخاب على المجلس وتحصل المناقشات ويصير التصويت، والقانون الذي يحوز أكثر أصوات ينجح».