انهى الأسير سامر العيساوي (33 سنة) أطول إضراب عن الطعام في التاريخ استمر نحو تسعة اشهر، بعد أن تراجعت اسرائيل عن اجراءاتها الرامية لإعادة اعتقاله مدة 20 عاماً، وموافقتها على اعتقاله ثمانية اشهر أخرى فقط. وكانت السلطات الاسرائيلية اعادت اعتقال العيساوي في السابع من تموز (يوليو) العام الماضي بتهمة خرق شروط الافراج عنه في صفقة تبادل الاسرى مع حركة «حماس»، وشرعت في إجراءات محاكمته، مطالبة بأن يمضي ما تبقى من فترة اعتقاله الاولى ومدتها عشرين عاماً. لكن العيساوي خاض أطول اضراب عن الطعام في التاريخ، منذ الأول من آب (اغسطس) الماضي حتى صباح أمس، ما أجبر السلطات الاسرائيلية على التراجع أمام ارادته الاستثنائية. وقال رئيس الوحدة القانونية في نادي الأسير المحامي جواد بولص الذي تفاوض مع الجانب الاسرائيلي ممثلاً للاسير سامر، ان السلطات الاسرائيلية استجابت لمطالبه بعد تلقيها تقارير من الأطباء المشرفين على علاجه افادت بأن حالته الصحية دخلت في دائرة الخطر الشديد. وكان العيساوي أعلن أول من أمس توقفه عن تناول المدعمات الغذائية في الوريد التي أبقت على حياته حتى اليوم. ووصف وزير الاسرى عيسى قراقع الاتفاق الذي توصل اليه العيساوي مع السلطات الاسرائيلية بأنه «انتصار»، وقال: «هذا انتصار تاريخي لأسير فلسطيني على سجانيه». وأضاف: «انه انتصار للاسرى وانتصار لحقوق الانسان، اذ تراجع الاحتلال بعد أن كان ينوي اعتقاله سنين طويلة، وابعاده عن الوطن». واقترحت السلطات اثناء المفاوضات الحكم عليه بالسجن 16 عاماً بدلاً من 20 عاماً، ثم عرضت الحكم عليه بالسجن 5 سنوات. وبعد فشل كل هذه العروض، عرضت عليه الابعاد الى قطاع غزة لمدة عشر سنوات، ثم الى دولة أوروبية، لكنه رفضها جميعاً. وكان العيساوي اعتقل في المرة الأولى عام 2002 وحكم عليه بالسجن ثلاثين عاماً بتهمة العضوية في خلية عسكرية تابعة ل «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين». وأطلق سراحه في تشرين الثاني (اكتوبر) عام 2011 في صفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحركة «حماس» التي كانت تحتجز الجندي غلعاد شاليت. وتحوّل الاسير العيساوي خلال الاشهر التسعة الماضية الى رمز وطني كبير، اذ نظمت تضامناً معه مئات التظاهرات والاعتصامات والمؤتمرات، ووصلت قضيته الى مستوى دولي بعدما طالبت مجموعات دولية مهمة، مثل الاتحاد الاوروبي، اسرائيل بإطلاق سراحه. ومن المتوقع ان يفتح نجاح العيساوي في اضرابه الباب امام المزيد من الاحتجاجات داخل السجون الاسرائيلية التي يتعرض فيها الاسرى الفلسطينيون الى صنوف القمع والقهر المختلفة. وتعتقل اسرائيل 4900 اسير، بعضهم يعاني من أمراض مزمنه وقاتله مثل السرطان. وتوفي احد الاسرى المصابين بالسرطان أخيراً، وهو ميسرة ابو حمدية، ما فجر احتجاجات محلية ودولية واسعة ضد سياسة اسرائيل تجاه الاسرى. وأطلقت السلطات الاسرائيلية قبل ايام أحد الاسرى المرضى وهو محمد التاج بعد تدهور حالته الصحية خشية تعرضه الى الموت وراء القضبان. وبينت احصائية حديثة لوزارة الاسرى ان 240 اسيراً توفوا داخل السجون منذ الاحتلال عام 1967 عاماً. الى ذلك، فرضت إدارة سجن عسقلان المركزي عقوبات مشددة على الاسرى في أعقاب إقدام أحدهم، وهو محمود زهران، على مهاجمة أحد ضباط السجن. وقال نادي الاسير الفلسطيني في بيان له أمس ان الاجراءات العقابية تمثلت في: منع الزيارات الداخلية بين الغرف، وإغلاق الفسحة اليومية للاسرى في باحات السجن، وقطع الكهرباء، ومصادرة كل الممتلكات الشخصية. وقال النادي ان قوات خاصة من وحدة «ميتساده» و «درور» و «اليماز» اقتحمت السجن وهي مدججة بالاسلحة الرشاشة ومعززة بالكلاب البوليسية، واعتدت عليهم بعد تقييدهم وتعريتهم وتفتيشهم بصورة مذلة، ما ادى الى اصابة عدد منهم بجروح. وأضاف: «الأسرى في سجن عسقلان يعيشون ظروفاً مأسوية، اذ أصبحت غرفهم أشبه بزنازين لا تحتوي على شيء بعد إفراغها من محتوياتها ومصادرة الأدوات الكهربائية والتلفاز والراديو وغيرها، بالإضافة إلى المواد الغذائية، حتى وصل الحال إلى مصادرة الملابس الشخصية».