دان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ب «أقصى قدر من الحزم» الاعتداء الذي استهدف مقر السفارة الفرنسية في طرابلس أمس، وقال إن هذا العمل يستهدف «عبر فرنسا» كل الدول «الملتزمة مكافحة الإرهاب». وأصيب حارسا أمن فرنسيان وعدد من المواطنين الليبيين في التفجير الذي يُعتقد أنه تم بسيارة مفخخة، في أول حادث من نوعه ضد الغربيين في العاصمة طرابلس منذ إطاحة النظام السابق عام 2011. وذكرت «فرانس برس» أن المبنى الذي يضم مكاتب السفارة الواقعة في فيلا من طابقين عند زاوية شارع في حي قرقارش السكني، تعرض لاضرار كبيرة وتهدم قسم من جدار السور المحيط به بينما تفحمت سيارتان كانتا مركونتين أمام السفارة نتيجة الاعتداء. ودعا الرئيس هولاند في بيان السلطات الليبية إلى «القاء الضوء كاملاً عن هذا العمل غير المقبول» بما يتيح كشف الفاعلين وملاحقتهم أمام العدالة. وعبّر عن تضامنه وتمنياته بالشفاء العاجل للشرطيين الفرنسيين اللذين أصيبا من جراء التفجير، فيما وصل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى طرابلس لتقويم الوضع واتخاذ التدابير اللازمة لحماية المقرات والرعايا الفرنسيين في ليبيا. وكان فابيوس دان بدوره ب «أقصى حزم» الاعتداء وقال إن أجهزة الدولة ستبذل كل ما أمكن بالتعاون مع السلطات الليبية «للكشف عن ظروف هذا العمل المقيت» وتحديد مرتكبيه. وكان نبأ الاعتداء أثار تكهنات حول ارتباطه بالدور الفرنسي في مالي، لكن الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لآليو رأى انه ينبغي عدم التسرع في القيام باستنتاجات وان من الأفضل التريث إلى حين صدور النتائج الأولية للتحقيق بشأن التفجير الذي أكد أن «كل شيء يحمل على الاعتقاد أنه إرهابي». وذكر لاليو أن الاعتداء وقع عند الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي وأنه لو تأخر عن هذا الوقت لكان أدى إلى مذبحة نظراً إلى قوة الانفجار الذي الحق اضراراً بالغة بمبنى السفارة والمباني المجاورة. وتابع ان المقرات الفرنسية الديبلوماسية والثقافية والدراسية أُغلقت عقب الانفجار الذي يعتقد انه ناجم عن سيارة مفخخة وأن فرنسا طلبت من السلطات الليبية تعزيز اجراءات الأمن من حولها وإغلاق الطرق المؤدية اليها. ولفت إلى أن فابيوس توجّه إلى ليبيا لتأكيد «تضامننا» مع العاملين في السفارة ومع أفراد الجالية الفرنسية المسجلين لدى السفارة وعددهم 319 شخصاً، كما أن فرقة تابعة للقوات الخاصة الفرنسية ستتوجه إلى طرابلس. وأشار إلى أن فريقاً من المحققين ورجل قانون سيتوجهون أيضاً إلى ليبيا للمشاركة في لجنة التحقيق المشتركة التي قررت السلطات الليبية انشاءها. ونفى أن تكون فرنسا تلقت تهديدات محددة قبل التفجير، لكنه أضاف أن الوضع العام والأجواء الأمنية في طرابلس متردية وتنعكس على الليبيين انفسهم مما استدعى الحذر. وذكر أن مقر السفارة الذي كان دُمّر خلال الثورة أعيد إصلاحه وتحصينه مما قلص الأضرار التي طاولت جزءاً من السور المحيط به والمكاتب الواقعة في الطبقة السفلى لكنه في وضعه الحالي لم يعد صالحاً للاستخدام وقد يجري اعتماد مقر آخر بدلاً عنه. وفي طرابلس، أفادت وكالة الأنباء الليببة أن الحكومة الموقتة التي يرأسها علي زيدان دانت الاعتداء على السفارة الفرنسية ووصفته ب «الإرهابي»، مؤكدة «أن ليبيا شعباً وحكومة ترفض رفضاً باتاً مثل هذه الأفعال وتعتبرها استهدافاً مباشراً لأمن واستقرار ليبيا ولا تعبّر عما يكنه الشعب الليبي من احترام وتقدير للجمهورية الفرنسية والشعب الفرنسي ومواقفهم في دعم ومساندة الشعب الليبي إبان ثورة السابع عشر من فبراير». وأكدت الحكومة استعدادها للتعاون مع الأطراف كافة «للوصول إلى الجناة وتقديمهم للعدالة». ومن بين المصابين بالانفجار الفتاة الليبية ريحانة صلاح التي كانت في منزلها القريب من السفارة الفرنسية. وأفاد جدها علي مصباح وكالة الأنباء الليبية أن التقارير الطبية الأولية أوضحت إصابة حفيدته البالغة من العمر 18 عاماً «بإصابات بليغة في عمودها الفقري». وعُلم لاحقاً أنها نُقلت إلى تونس للعلاج. وسبق أن تعرضت بعثات ديبلوماسية عدة في ليبيا لهجمات كان أبرزها الهجوم على مقر البعثة الديبلوماسية الأميركية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا في أيلول (سبتمبر) الماضي مما أدى إلى قتل السفير كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين. لكن هجوم أمس هو اول هجوم خطير من نوعه على سفارة او بعثة اجنبية في العاصمة طرابلس.