كل شيء يبدأ بحلم، ومن بدأ المهمة فقد أنجز نصفها، كما يقول «الحكيم»، وهي فكرة ورؤية انبعثت لدي، إذ كنت في رحلة لطيفة جميلة الأسبوع الماضي إلى الكويت، وسعدت بمجاورة الشيخ الدكتور: صالح بن حميد في الطائرة، ولم يكن حديث إلا الصمت أمام سكينته الملهمة. وحيث كنت هناك وعلى مدار أربعة أيام أقدم فيها برنامج «قوة الوجود» الذي يهدف إلى بناء الإنسان الكوني من خلال سلوكة الداخلي. تابعت ما تنشره الصحف الكويتية عن مجريات زيارة معاليه وأقرأ ما بين سطورها، ثم شاهدت اللقاء المباشر معه في برنامج «لقاء الجمعة» على إحدى القنوات الفضائية الكويتية. الشيخ صالح بن حميد كأبرز حكماء منطقة الخليج العربي «وفي كلٍ خير» كان ذرة الإلهام لهذه الفكرة. منطقتنا الخليجة بما حباها الله من الخيرات، التي أهمها على الإطلاق مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وما يحملانه من حقائق الأسرار وأسرارالمعاني، ثم ما اختزنه الله في أرضها من الموارد، وما تطور فيها من الصنائع والتجارات، مع موقعها الجغرافي وبنيتها الاجتماعية المنسجمة، وما في هذه البنية الاجتماعية من التكونات الشبابية التي تمثل القاعدة السكانية في الحاضر والامتداد المستقبلي. قوة الأبعاد وأبعاد القوة في هذه المنطقة يجعل أهم المهمات هو إرساء مفهوم الحكمة في القرار والخطاب والتخطيط والتنفيذ والرؤية والتصور. ما يستدعي وعياً مضاعفاً لا يقوم فقط على قانون الطوارئ من التهديدات الخارجية، وإنما ينبعث من الداخل الحق في الوجود بقوة، هذا الوعي ليس منتجاً سياسياً بامتياز ولكنه مزيج حال اتصال بين السياسة والفكر والمجتمع. لا يستثني هذا الوعي أحداً من مكونات الوجود الإنساني الخليجي، يشترك في دراسته والإعداد له جامعاتنا الخليجة التي يجب أن تتجاوز مجرد التعليم إلى المشاركة والمفاعلة وتدعيم الرأي، كما يشارك في ذلك مراكز الدراسات والأبحاث التي هي أيضاً يجب أن توجد وتعطى الثقة في ممارسة دورها، وتفاصيل أخرى وليس هنا نهاية الحديث. المهم أن هذا المجلس الحكمائي يمثل صمام أمان وصوت وعي للكيان الاجتماعي الخليجي، متوزياً مع مجالس سياسية وأمنية واقتصادية، له دوره في الإيقاظ الباكر حول عوائق الانسجام الاجتماعي أياً كان مصدر تلك العوائق من الخطاب الديني «الغالي فيه أو الجافي عنه»، أو كان السبب من انعكاسات فقدان التوازن الاقتصادي وما ينتجه من شرائح اجتماعية تتجه نحو الفقر والجريمة، أو كان السبب خلل في النظم والتشريعات، أو في سوء استخدام السلطة والقانون! أو حين يكون المصدر إزعاجات خارجية تسعى لاستلاب المكون الاجتماعي وإدخاله في معسكرات الطوائف ودهاليزيها، أو حين يتطلب الأمر إيصال حكمتنا إلى مجتمعات الأرض ودوائر القرار العالمي. لست هنا لرسم خطة التنفيذ، ولا يصلح المقال للمشاركة فيها بالرأي. ولكن الأمر جد مهم لصوت الحكماء ونداءات الحكمة، في وقت يسمح الآن قبل أن يفوت الأوان... تمنيات لمجلس الحكماء الخليجي بكل التوفيق. نية تنقلها ذبذبات التصورات الناصحة وأحلام اليقظة الصادقك و«كل شيء يبدأ بحلم». * عضو مجلس الشورى. [email protected] @alduhaim