«مارد الأحساء» نادي الفتح (النموذجي) يحطم عقدة المستحيل ويقتحم منصات التتويج بطلاً سابعاً في المسابقة الأقوى مسجلاً اسمه بمداد من ذهب في سجلات تاريخ الكرة السعودية ومحققاً ما عجز عنه الآخرون المدججون بكل الإمكانات المادية والبشرية والدعم الخفي والمعلن، وبالرعاة الرسميين والإعلام البراق. ولمن لم يستوعب الصدمة بعد نقول: الفتح هو بطل كأس دوري المحترفين السعودي للموسم الرياضي 2013 وبفارق نقطي كبير قبل ختام البطولة بجولتين، تاركاً لغيره من الكبار النظرات ثم الحسرات والعبرات وصدمة الواقع المرير. فقد أسقط الفتح كل حجج إدارات الأندية الواهية التي ظلت تحقنها في وعي الجماهير عند تبريرها للفشل المتواصل، مرة بالحكام، وأخرى بمؤامرات اللجان، وثالثة الضغوط والإعلام. واقع الفتح المبهر يتناغم مع عبارة جميلة وحكمة بليغة تقول: «أنا مصمم على بلوغ الهدف، فإما أن أنجح... وإما أن أنجح»، فعلى رغم قصرها ومختصر مفرداتها أجدها خير ترجمة لمعنى التحدي لأنها تفصح عن رؤية إدارة نادي الفتح بعد (4) مواسم فقط من صعوده إلى دوري الأندية الممتازة وهي رؤية جديرة بأن تدرس وتطبق لتكون نبراساً في الإدارة لمن ما زال يعيش بفكر الماضي البعيد ويوهم به جماهيره. فلم تثن الفتحاويون عثرات البداية المؤلمة، وما أكثرها والنتائج الكبيرة وما أقساها، عن الصمود في وجه الأعاصير التي تهب عادة من مختلف الجبهات عندما يخسر أي فريق فهو يقدم فتحاً جديداً في الرؤى والتخطيط وفق المتاح من الفرص، كما يعلن أنه ليس بالمال وحده تحقق كل الأهداف، وليس بالصراخ والبيانات والاحتجاجات تنال البطولات. ولعل أول فكر أثبتت إدارة الفتح بعد نظرها فيه وحري بالأندية أن تحاكيه هو حسن اختيار المدرب ثم الثبات عليه، فقد جرت العادة السعودية عند الهزائم أن تبحث الأندية عن كبش فداء تتقي به غضب الجماهير، وتدرأ به نقد الإعلام، وكان أول من يضحى برأسه المدرب ثم بعض اللاعبين الأجانب وهذا ما لم تفعله إدارة الفتح مع المدرب العربي القدير فتحي الجبال، كما لم يسمع منها أبداً نقد علني أو تحميله مسؤولية خسارة أو التقليل من قدراته واختياراته للاعبين. أما خارج الملعب فلم نر ظهوراً يومياً لرئيس النادي أو إدارييه في الإعلام محتجين أو منتقدين أو معترضين على أي قرار يصدر حتى عندما تجاهل مسؤولو المنتخب لاعبي الفتح مرّ الموضوع برداً وسلاماً ولم يعقب عليه. وهذا التوجه يكشف بجلاء عن العقلية الإدارية القدوة التي تدير النادي وأثرها في جميع العاملين فيه، الذين كان طابعهم العمل بهدوء بعيداً عن الصراخ و«المظلومية» التي ما فتئ رؤساء بعض الأندية يمارسونها بغباء كل ليلة، على رغم أنها باتت «حركات قديمة» لم تعد الآن تنطلي على الجماهير بعد أن فضح فوز الفتح بالدوري عقلياتهم وعرّى تفكيرهم. أمامكم فتح جديد يقدم لكم نماذج متميزة في الإدارة الفنية والمالية والنفسية. باركوا له إنجازه وحاكوا سيرته فقد تعثرون على المفقود الذي ضيعته الارتجالية والفوضى و«الهياط». [email protected] Qmonira@