تُقدّم العراقيتان سعاد الجزائري ووفاء عبدالرزاق عملاً فنياً يُزاوج بين القصّة القصيرة والشعر بعنوان «الهمس العالي» (دار المدى -2013). تقوم فكرة هذا العمل على محاكاة المجموعة القصصية للكاتبة سعاد الجزائري شعرياً، من خلال ربطها بقصائد للشاعرة وفاء عبدالرزاق. تتميّز نصوص سعاد الجزائري بأسلوبها الرشيق ولغتها الخالية من الحشو والاستطراد. وهذا التكثيف في لغة القاصّة ولّد انسجاماً ملحوظاً بين نصوصها وجوّ القصائد المكمّلة لها. وعلى رغم طرح مواضيع إنسانية وحالات واقعية كثيرة، إلاّ أنّ سعاد الجزائري تعتمد في معظم نصوص كتابها («آخر ثانية عشر»، «المرآة»، «الرنين الخامس»، «باب الذهب باب السوس»، «الهمس العالي») بناءً هادئاً للقصص التي تُدخل القارئ منذ البداية في مُناخات وجدانية وشعرية. يكتب الكاتب والناقد العراقي خضير ميري مقدّمة هذا العمل، ومما جاء فيها: «لعلّنا جميعاً نعرف سعاد الجزائري القاصّة والإعلامية المعروفة والتي كانت وما زالت من أوائل اللواتي كتبن القصة القصيرة بجدارة وجدية وحساسية عالية، ربما نكاد اليوم نتحسّر عليها في زمن أصبح فيه كتابة القصة القصيرة عملة نادرة وحالة استثنائية فقلّما نجد هذا القصّ الصافي الذي يُسجّل الحياة بتوازن دقيق بين المعيش والمتخيل، بين المحسوس والمُعبّر عنه... تُحاول الكاتبة أن تُقدّم موازنات سردية بين الداخل والخارج، التأمّل والتعبير، ضمن وحدات اقتصادية من السرد تطرح من خلالها معادلات وجودية عالية المستوى برشقات قليلة من البساطة الحادة مع مراعاة الحجم المطلوب لكميّة القصة المراد تبليغها».