قلّصت هجمات يشنّها مسلحو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من سيطرة سلطات الحكومة العراقية في محافظة الأنبار، ما دفع مسؤولين عراقيين إلى التحذير من أن الوقت بدأ ينفد لإنقاذ المحافظة الغربية من السقوط بشكل نهائي بأيدي هذا التنظيم. وقتل قائد قوات الشرطة في الأنبار أمس الأحد بانفجار عبوة ناسفة عندما كان على رأس قوة لمحاربة مقاتلي التنظيم في أطراف الرمادي، كبرى مدن المحافظة، ويشكّل مقتله آخر حلقة في سلسلة نكسات تلقتها الحكومة في الأنبار. وقال مسؤول دفاعي أميركي لوكالة "فرانس برس"، إن "موقف الجيش العراقي في الأنبار ضعيف"، وأضاف أنهم "يتلقون الدعم ويصمدون في مواقعهم لكن الأمر صعب"، معرباً عن اعتقاده بأن "وضع الجيش هناك هش حالياً". وانسحبت قوات الجيش من معسكر هيت مساء الأحد بهدف حماية قاعدة رئيسية، ما أدى إلى سيطرة التنظيم على قضاء المعسكر بشكل كامل. وسبق للتنظيم أن سيطر على مدينة هيت إثر هجمات دامية قالت الأممالمتحدة إنها "أدت الى نزوح 180 ألف شخص". وقال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار أحمد حميد، إن "قوات الجيش التي يبلغ عددها أكثر من 300 جندي، انسحبت من معسكر هيت الواقعة على بعد 150 كلم غرب بغداد وباتت مئة في المئة تحت سيطرة داعش". ويسيطر مسلحون تابعون للتنظيم على الفلوجة الواقعة على بعد 50 كلم غرب بغداد، وعلى القائم التي تبتعد 300 كلم من الحدود مع سورية وعلى غالبية المناطق الواقعة بينهما. وتمكنت قوات الحكومة من إبقاء سيطرتها على سد حديثة، ثاني سدود البلاد، وبعض المناطق الأخرى بسبب الضربات الجوية الأميركية. ويشتد الطوق حول الرمادي التي يسيطر التنظيم على أجزاء منها. وقال فالح العيساوي نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار لوكالة "فرانس برس"، إن "85 في المئة من الأنبار تخضع لسيطرة التنظيم"، وأعرب عن اعتقاده بأن إرسال قوات برية أميركية هو ما سينقذ الرمادي وبقية المحافظة من السقوط. وتابع العيساوي قائلاً: "إذا استمر الوضع في الاتجاه ذاته ولم تتدخل قوات برية أجنبية خلال عشرة أيام، فإن المعركة المقبلة ستكون على أبواب بغداد". وشدد على "أن تكون القوات الأجنبية أميركية، لأن قوات أخرى ستخلق حساسية لدى بعض مكونات الشعب العراقي". وقال العيساوي حول رفض واشنطن التدخل: "إذا وافقت الحكومة المركزية على ذلك فإن واشنطن ستوافق". ورداً على سؤال حول الأوضاع الأمنية في بعض مدن الأنبار، أوضح أن "مناطق الفلوجة وهيت والقائم وعانة والرطبة وراوة والكرمة والصقلاوية وجزيرة الخالدية بيد داعش بالكامل". وتابع قائلاً: "تسيطر القوات العراقية على 40 في المئة من ناحية عامرية الفلوجة فقط، في حين أنها مازالت تفرض سيطرتها الكاملة على حديثة". وأكد العيساوي أن دور الجماعات المسلحة الموالية للحكومة أنها "تستطيع القتال في المناطق المختلطة لكنها لن تستطيع ذلك في مناطق مثل الأنبار". بدوره دعا أحمد أبو ريشة، أبرز شخصية معارضة للجهاديين والزعيم العشائري في الأنبار إلى "إرسال قوات أميركية على الأرض". لكن واشنطن ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يستبعدان ذلك كلياً. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في القاهرة أمس الأحد، إن "العراقيين في الأنبار سيقاتلون من أجلها". ويقدم مئات الجنود الأميركيين المنتشرين في العراق، النصح والاستشارات للجيش العراقي، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الجيش العراقي سيكون قادراً على قلب الموقف في محافظة الأنبار لصالحه، والرد بذلك على الاتهامات التي توجه إليه. وأعلن نقيب في الشرطة العراقية ل "فرانس برس" الأسبوع الماضي، أن "كتيبته انسحبت من منطقة البوعيثة شرق الرمادي"، مضيفاً: "نحن في منطقة الثرثار الآن". وكانت قوات كردية وحكومية عراقية بدعم جوي أميركي، صدت قوات تنظيم "الدولة الإسلامية" وحققت مكاسب في شمال العراق خلال الأسابيع المنصرمة، لكن في المقابل لا يزال هذا التنظيم يحتفظ بزمام المبادرة في الأنبار.