صوّت المجلس الوطني التأسيسي التونسي، أمس، ضد سحب الثقة من وزيرة المرأة سهام بادي خلال الجلسة العامة في المجلس والتي انتهت بتجديد الثقة في الوزيرة. وصوّت 90 نائباً ضد لائحة سحب الثقة بينما صوت 70 آخرون معها، فيما احتفظ 14 نائباً آخر بأصواتهم. وكان نواب المعارضة في المجلس التأسيسي قد طالبوا بسحب الثقة من وزيرة المرأة التي تنتمي إلى حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» (تخلى عن رئاسته الرئيس المنصف المرزوقي بعد انتخابه رئيساً للجمهورية) على خلفية قضية اغتصاب طفلة عمرها ثلاث سنوات في إحدى رياض الأطفال في العاصمة تونس. واتهم نواب المعارضة وزيرة المرأة بالتقصير في حماية الطفولة من الاغتصاب، منددين بانتشار ظاهرة رياض الأطفال غير المرخصة ورياض تعليم القرآن من دون مراقبة من الدولة. وقال مراقبون إن مصير لائحة اللوم كان معروفاً منذ البداية بحكم التوازنات السياسية داخل المجلس التأسيسي باعتبار أن تضامن التحالف الحكومي الذي يتكوّن من «النهضة» و «المؤتمر» و «التكتل» أهم بالنسبة إلى هذه الأحزاب من المواضيع التي أصبحت تطرح بشكل يومي بعد الثورة كالاغتصاب والمجموعات المسلحة والتطرف الديني. وأضافوا أنه حتى وإن بلغ الخلاف أشده بين مكوّنات التحالف الحاكم فإن ذلك لن يسمح لأحدها بطعن الآخر باعتبار أن مصير كل حزب من أحزاب التحالف مرتبط بالآخر، فلو وافق حزب «النهضة» مثلاً على سحب الثقة من وزيرة المرأة التي تنتمي إلى حزب «المؤتمر» فإن ذلك يجعل الحكومة عرضة لسحب الثقة لو التحق نواب «المؤتمر» بالمعارضة فتفقد «النهضة» غالبيتها. وفي هذا السياق، قال رئيس «الكتلة الديموقراطية» المعارضة محمد الحامدي إلى «الحياة» إن النواب الذين صوّتوا ضد سحب الثقة من الوزيرة استجابوا منطق التضامن الحكومي على حساب مصلحة أطفال تونس الذين تهددهم مخاطر حقيقية، معتبراً أن الوزيرة فشلت في التصدي لهذه المخاطر والتحديات. وأضاف أن المرحلة الحالية تستوجب خبراء في مجال الطفولة أو وزراء متخصصين في إدارة الأزمات بعيداً عن التجاذبات السياسية، متهماً وزيرة المرأة بعدم الحياد والفشل في إدارة الأزمة التي تحصل في وزارتها خاصة من خلال تصريحاتها التي اعتبرها غير مسؤولة. في المقابل اعتبرت النائبة عن حركة «النهضة» آمال عزوز أن وزيرة المرأة تواجه حملة من التشويه والنقد اللاذع وذلك على خلفية محاربتها للفاسدين ورموز النظام السابق بوزارتها، متهمة المعارضة بافتعال أزمة اغتصاب الطفلة «حتى تستغل الحدث الأليم سياسياً». وقالت آمال عزوز في تصريح إلى «الحياة» إن حادثة الاغتصاب هي كلمة حق أريد بها باطل والغاية منها تعطيل عمل الحكومة ومعاقبة وزيرة المرأة على مواقفها المنحازة للثورة ضد رموز النظام السابق، على حد تعبيرها. ويعتبر نجاح وزيرة المرأة في اختبار سحب الثقة منها رسالة مطمئنة إلى الرئيس المرزوقي الذي يواجه بدوره لائحة لسحب الثقة منه وذلك على خلفية تصريحات توعد فيها «العلمانيين المتطرفين» بنصب المشانق في حال تظاهروا ضد الحكومة. لكن من المتوقع أن تلقى لائحة سحب الثقة من رئيس الجمهورية نفس مصير لائحة وزيرة المرأة. غير أن المعارضة تستعمل هذه الوسائل «القانونية» ليس لأنها تعتقد أن في إمكانها تمرير لوائح سحب الثقة من الوزراء في المجلس التأسيسي ولكن من أجل إحراج خصومها في الحكم أمام الرأي العام وإبعاد الناخبين من حولهم.