منح المجلس الوطني التأسيسي في تونس أمس الثقة لحكومة علي العريض الجديدة، بغالبيّة 139 صوتاً من اصل 217، في حين صوّت 45 نائباً معارضاً بحجب الثقة وامتنع 13 آخرين عن التصويت. لكن الحكومة الجديدة التي أدت اليمين الدستورية مساء أمام رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي في قصر قرطاج بالعاصمة تونس، واجهت في يومها الأول أزمة شديدة سببها بطالة الشباب عن العمل بعد وفاة بائع سجائر متجوّل أحرق نفسه قبل يوم واحد في العاصمة احتجاجاً على الفقر، ما أعاد إلى الأذهان حادثة محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه احتجاجاً على ظروف مماثلة في كانون الأول (ديسمبر) 2010 ما فجّر «ثورة الياسمين» التي أطاحت الرئيس السابق زين العابدين بن علي وأطلقت باكورة ثورات «الربيع العربي». وصوّت نواب «النهضة» و «التكتل» و «المؤتمر من أجل الجمهورية» لمصلحة منح الثقة للحكومة الجديدة، بينما صوّت نواب «الجمهوري» و «المسار الديموقراطي» و «الجبهة الشعبية» اليسارية وعدد من النواب المستقلين بحجب الثقة. وكانت المفاجأة من كتلة «حركة وفاء» التي صوّتت ضد الحكومة الجديدة على رغم أنها كانت من الأطراف المعنية بالإنضمام إلى الحكومة قبل أن تنسحب من المشاورات. أما حزب «التحالف الديموقراطي» فقرر الاحتفاظ بأصوات نوابه عند منح الثقة، وهو ما اعتبره متابعون موقفاً سلبياً من الحزب. وفسّر النائب عن «حركة وفاء» أزاد بادي ل «لحياة» رفض كتلته منح الثقة للحكومة بأن العريض اعتمد مبدأ «تقاسم المناصب الحكومية بين الأحزاب عوض أن يضع برنامجاً من أجل تحقيق أهداف الثورة ومحاسبة الفاسدين»، ونفى أن يكون لرفضهم هذه الحكومة أي علاقة بانسحابهم من المشاورات الحكومية. وكان العريض قدّم في خطاب ألقاه أمام نواب المجلس التأسيسي برنامج عمل حكومته الذي تعهد فيه بإعادة الأمن إلى تونس ومحاربة غلاء المعيشة و «النهوض بالاقتصاد والتشغيل» في البلاد، وأكد أن مدة حكومته لن تتجاوز تسعة أشهر أي أنها ستنهي مهماتها قبل نهاية العام الحالي. واعتذر العريض عما اعتبره «تمثيلاً ضعيفاً» للمرأة في الحكومة الجديدة نظراً إلى ضيق وقت المشاورات، بحسب قوله، واعداً بأن يكون للمرأة نصيب في التسميات التي ستقوم بها حكومته في الوظائف العليا في الدولة. وخلال جلسة منح الثقة، رفضت النائبة عن حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» المشارك في الحكومة سامية عبّو طريقة التّصويت التي تمّ اعتمادها، وأكدت ل «الحياة» أنّ الفصل 16 من النظام الداخلي للمجلس التأسيسي ينص على «أنّ أعضاء المجلس لهم الحق في منح الثقة لرئيس الحكومة ثمّ التّصويت على بقية الوزراء فرداً فرداً لا بطريقة جماعية».