دعا رئيس مشروع الربط الكهربائي الأوروبي - المتوسطي اندري ميرلين الدول الأوروبية إلى اتخاذ الخيارات المناسبة لمستقبل إنتاج الطاقة المتجددة، إذ ستكون فوارق الكلفة من واحد إلى خمسة بين سعر الكهرباء الشمسية في جنوب المتوسط خلال المرحلة المقبلة وكلفة الإنتاج في شمال أوروبا. وقد تصل كلفة الميغاوات من الطاقة الشمسية في الضفة الجنوبية إلى 40 يورو في مقابل 200 يورو في ألمانيا ودول البلطيق. وأشار إلى إمكان استكمال دراسات الجدوى لخطة الربط الكهربائي بين جنوب وشمال حوض البحر المتوسط في أفق 2020 - 2030 خلال سنة ونصف سنة، موضحاً أن دراسات الجدوى التقنية تشمل مد كابلات نقل الكهرباء عبر البحر الأبيض على عمق كيلومترين، ما يتطلب تحديد ممرات خاصة للشبكات. وتوجد ثلاث ممرات، الأول بين المغرب واسبانيا والثاني بين الجزائر وتونس وليبيا من جهة وايطاليا من جهة أخرى، والثالث عبر تركيا الذي قد يكون نقطة محورية لعبور الشبكات ومنتجات الطاقة. وتتطرق دراسات الجدوى أيضاً إلى الفوائد الاقتصادية من مشاريع نقل الكهرباء التي ستنتجها محطات الطاقة المتجددة، الشمسية والجنوبية، في دول الضفة الجنوبية نحو أسواق أوروبا، في حين تعمل اليوم شبكة واحدة في الاتجاه المعاكس أي من اسبانيا إلى المغرب. وتستهدف الدراسات الجوانب القانونية ومصادر التمويل والاستحقاقات التكنولوجية المتعلقة مثلاً بخزن فوائض إنتاج الكهرباء الشمسية والمواصفات التقنية للشبكات التي ستنقلها والربط بينها وبين شبكات نقل الكهرباء الحرارية. وأكد ميرلين على هامش اجتماع مؤسسة «الشبكات الكهربائية المتوسطية» (ميدغريد) في نهاية الأسبوع ببروكسيل، على «الاحتياطات الهائلة لإنتاج الطاقة الشمسية في دول المغرب العربي وتصديرها إلى السوق الأوروبية». وتملك دول المغرب العربي امتيازات المساحة الجغرافية الواسعة والمشمسة في معظم ساعات اليوم وغير الآهلة بالسكان، إذ يمكن نشر أعداد غير محدودة من الألواح الشمسية لإنتاج الكهرباء بكلفة منخفضة جداً مقارنة بالتسعيرة العالية للطاقة المتجددة في السوق الأوروبية. ولفت إلى أن سعر الميغاوات - ساعة في دول البلطيق يبلغ 200 يورو، بينما قد يكون دون 50 يورو في الساعة في دول الضفة الجنوبية للمتوسط. وشدد على ضرورة أن «يتنبه الاتحاد الأوروبي للخيارات التي يسلكها في شأن مصادر الطاقة المتجددة». وأشارت التقديرات إلى أن خيار ألمانيا التخلي تدريجاً عن الطاقة النووية لصالح الطاقة المتجددة يؤدي، حتى اليوم، إلى زيادة قيمتها 50 يورو للكيلوات - ساعة عن السعر الأصلي، ما سيؤثر سلباً على المستثمرين والمستهلكين خصوصاً في مرحلة الكساد الاقتصادي. أسعار الانتاج وأوضح ميرلين أن أسعار الإنتاج متفاوتة بحسب مصادر الطاقة والمناطق، إذ يقدر سعر الميغاوات - ساعة في محطات الفحم الحجري ب40 يورو في السوق الأوروبية، وبين 70 و80 يورو في المحطات النووية، وبين 80 و90 يورو بالنسبة الى طاقة الرياح. وتوقع أن يكون سعر إنتاج كهرباء الطاقة المتجددة في شمال إفريقيا 40 يورو للميغاوات، ما يحتم على الاتحاد الأوروبي التنبه واختيار السياسات المستقبلية المناسبة. وتستهدف الدراسات جوانب الشبكات التي قد تنقل بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف ميغاوات من جنوب المتوسط إلى شماله، في حين أظهرت تقديرات أن كلفة المشروع قد تراوح بين اثنين وثلاثة بلايين يورو. وأكدت ليبيا اهتمامها بالانخراط مستقبلاً في مشروع الربط الكهربائي - المتوسطي «ميد غريد»، وقال وزير الكهرباء الليبي محمد علي محيريق خلال لقائه ميرلين إن «ليبيا أعادت تشغيل محطات إنتاج الكهرباء بكلفة بلغت 800 مليون يورو، وتخطط لبناء محطات الطاقة المتجددة لتغطي 20 في المئة من إجمالي الاستهلاك، كما بدأت بناء محطتين للطاقة الشمسية وواحدة هوائية». وأكد الوزير أن بلاده تمتلك احتياطات هائلة من النفط تقدر بنحو 50 بليون برميل، إضافة إلى مناطق لم يتم التنقيب فيها بعد». وانطلق مشروع «ميدغريد» لدراسات الجدوى في خريف عام 2010 في باريس ويجمع 12 شركة معظمها من كبار الشركات الأوروبية مثل «الستوم» الفرنسية و «سيمنز» الألمانية، ويندرج ضمن المخطط الشمسي المتوسطي الذي يتضمن إنشاء قدرات إنتاجية للطاقة الكهربائية المتجددة، خصوصاً الشمسية منها، في جنوب المتوسط وشرقه. ويتوقع أن يبلغ الإنتاج في المرحلة الأولى 20 جيغاوات عام 2020، خمسة منها تصدر إلى أوروبا. وأنشأ المغرب مشاريع متقدمة لإنتاج الطاقة الشمسية وسد حاجات الاستهلاك المتزايدة في بلد لا يمتلك المصادر الأحفورية. وقال مدير الكهرباء والطاقة المتجددة في وزارة الطاقة المغربية عبدالرحيم الحفيظي إن استهلاك الكهرباء يرتفع ثمانية في المئة، أي ضعف معدل النمو الاقتصادي، ويشكل ضغطاً كبيراً على الشبكات ومحطات الإنتاج، خصوصاً خلال ساعات اكتظاظ الحركة الاقتصادية والبشرية. وتساهم محطات الطاقة الشمسية في توفير الاستهلاك وتخفيف الضغط لثلاث ساعات وبكلفة تصل إلى 1.6 درهم (نحو 0.2 دولار) للكيلوات - ساعة. وسيلجأ المغرب نهاية الشهر الجاري إلى تغيير ساعات الدوام واعتماد ساعة «غرينيتش زائد واحد»، ليصل عدد ساعات الإضاءة الطبيعية إلى 16 ساعة. وينتج المغرب 6700 ميغاوات من الكهرباء المائية ويفرض مواصفات جديدة على صناعات البناء لفرض استهلاك الطاقة الشمسية بمعدل لا يقل عن 30 في المئة.