«حتّى لا ننتظر كي نرى صورة التشكيلة الحكومية من دون وجوه نسائية... كي لا نقبل أن يعطي مجلس النوّاب الثقة لحكومة ذكورية... حتّى لا تبقى شعارات حقوق المرأة في الغرف المغلقة، شاركونا في الاعتصام». هكذا، انطلقت حملة «حقّي بالكوتا النسائية في حكومة تمام سلام» عبر موقع «فايسبوك» لتلفت الانتباه إلى قضية أساسية لم تتطرّق إليها الكتل السياسية التي شاركت في الاستشارات النيابية الإلزامية لتشكيل الحكومة برئاسة تمام سلام. وعلى رغم أنّ الاعتصام الذي جرى يوم الإثنين الماضي لم يجذب العدد الكبير المتوقّع من الناشطات النسائيات والجمعيات المعنية بالشؤون النسوية، فإنّه دفع مجموعة من النوّاب للتنبّه إلى أهمية المشاركة النسائية في الحكومة، مثل النائب غسّان مخيبر الذي غرّد عبر «تويتر» أنّه قابل الرئيس المكلّف تمام سلام ونقل إليه ضرورة إشراك العنصر النسائي في أي تشكيلة حكومية. كما أظهرت الحملة أنّه ما زال هناك في لبنان شباب يراقبون المشهد السياسي ويتفاعلون معه، ليستبقوا الأمور المحتّمة من خلال النضال الإلكتروني أو الاعتصامات الميدانية لإسماع أصواتهم ورفع مطالبهم الحقوقية. كسر الحاجز الذهني منذ بداية النضال النسائي في لبنان، والجهود تنصبّ من قبل الناشطين على المطالبة بالكوتا النسائية في الانتخابات التشريعية، لكنّ الشباب تنبّهوا هذه المرّة إلى ضرورة تذكير النوّاب والرئيس المكلّف بأهمية إيصال المرأة إلى الحكومة أيضاً وتسليمها حقائب مهمّة سبق وأثبتت قدرتها على إدارتها. وتقول منسّقة الحملة رويدا مروة في حديث إلى «الحياة»، إنّ الرسالة الأساسية التي يريد مؤيدو الحملة إيصالها هي أنّ المرأة يمكن أن تكون في مواقع صنع القرار تماماً كما الرجل، كما يحدث اليوم في الكثير من الدول العربية التي تشهد حراكاً شعبياً ضخماً لتتولّى المرأة مواقع مهمّة على صعيد المؤسسات الحكومية. وتجد مروة أنّ توزير النساء خطوة مهمّة لكسر الحاجز الذهني الذي ما زال موجوداً حول قضية المشاركة السياسية للمرأة في لبنان، خصوصاً تلك التي لا تنتمي إلى عائلة سياسية ذات ثقل في المشهد اللبناني، وذلك في مرحلة استباقية للانتخابات التشريعية حيث يحدث الكثير من الالتفاف على ترشيح النساء ضمن اللوائح. كما تشدّد الناشطة الحقوقية على ضرورة اقتناص اللحظة في الشارع قبل أن ينقضي الوقت وتتشكّل الحكومة كما الكثير من الحكومات السابقة من دون أي وجه نسائي. دعم من الرجال تأييد الحملة كان لافتاً من جهة الرجال أيضاً، ويقول الشاب مروان عطوي عند سؤاله عن رأيه في مثل هذه التحرّكات، إنّ «المرأة تكون أحياناً كفوءة أكثر من الرجل وتحقّق الكثير من الإنجازات التي يعجز عنها بسبب تواصلها مع الشعب وتفهّمها حاجاته». كما يرى الشاب شارل كورييه أنّه «حان الوقت للمرأة كي تنتفض وتُسمع صوتها عالياً بدل الاستسلام للواقع لأنّها تكون بذلك تهدر حقوقها البديهية». أمّا من ناحية الناشطات النسائيات فلم يشاركن في شكل موسّع في الحملة، باستثناء بعض الوجوه التي أصبحت معروفة بنضالها. وتقول مروة في هذا السياق إنّ هناك الكثير من المواضيع المطروحة حالياً على الساحة اللبنانية وهي مرتبطة بحقوق المرأة مثل قانون العنف الأسري وحقّ المرأة بإعطاء أولادها الجنسية، لكن حتّى الآن لم يتحقّق أي تقدّم على هذا الصعيد على رغم كلّ التظاهرات والتحرّكات. لذا، ترى الناشطة أنّه يجب العمل على الناحية السياسية أيضاً لكي تصل المرأة إلى موقع القرار. أمّا عن الحملات الحاصلة حالياً لدعوة المرأة كي تترّشح في الانتخابات النيابية المقبلة، فتقول مروة إنّ هذا الترّشح يجب أن يكون بدعم من الشعب وليس من السفارات الأجنبية، كما تروّج بعض الجمعيات. وهذا ما يعيدنا إلى النقطة الأساس وهي الحاجة إلى دفع اللبنانيين لتقبّل العمل السياسي للمرأة عن اقتناع وإيمان بدورها وقدرتها على إحداث التغيير.