بعد محاولات إقناع متواصلة خرجت سارة خضير (في العقد السادس) من منزلها، بعد أن تساقطت أجزاء منه فوق رأسها، في الوقت الذي ترفض «رفضاً باتاً» الخروج من منزلها الذي يقع في حي النخيل في مدينة الدمام، فهي عاشت طوال حياتها فيه، وأمضت سنوات شبابها بين جنبات هذا المنزل «المتهالك» الذي كاد قبل أيام يودي بحياتها، بعد أن أصبح في عداد المنازل «الآيلة للسقوط». وترثي سارة حال بيتها، رافضة الخروج منه، ولم تقبل إلا بعد تدخل الكثيرين لإقناعها بالخروج منه. وعلى رغم ذلك تُطالب بترميمه لتعود إليه. وتقول: «مغلوبة على أمري، خرجت من منزلي، لكوني عاجزة عن استئجار منزل، بسبب ظروفي المادية، إلى حين إيجاد حل لترميم المنزل»، لافتة إلى أنه «في الفترة الأخيرة، وصل الأمر إلى مستوى خطر، فعندما وقع جزء من السقف في الصالة الداخلية، شعرت بالخوف والرهبة، وخرجت على رغم أنني أرفض مبدأ الخروج منه». وتناشد كل من له قدرة على ترميم المنزل، «بمساعدتي، فهو منزل قديم جداً، وأمضيت حياتي فيه، ولن أسمح بهدمه أو التخلص منه، فلقد زوجت كل أبنائي في هذا المنزل، واثنين منهم يعيشون معي فيه، وثلاثة يستأجرون في أماكن أخرى. كما تعيش معي أيضاً ابنتي المطلقة التي لا حول لها ولا قوة». وتتابع: «تشردنا بعد خروجنا من المنزل، وحال أبنائي يصعب على كل من يراهم»، لافتة إلى أن أحوالهم المادية «صعبة للغاية، فهم يعيلون أبناءهم، ولا يحملون شهادات تعليمية، وبعضهم يعمل، وآخرون يبحثون عن فرصة عمل». وتشير سارة إلى أن «المنزل أصبح متصدعاً، وتتساقط أجزاء منه فوق رؤوسنا، ولكنني لن أسمح بهدمه مهما كلف الثمن، وكل ما أريده عملية ترميم فقط، كي أعود إليه، وأعيش بكرامتي فيه، بعيداً عن مطالبات المستأجرين، فأبنائي غير قادرين على دفع الإيجار، لصعوبة ظروفهم المادية». وتكفكف دموعها، قائلة: «تكالبت ظروف الحياة علينا، وأشعر بمرارة التشرد، فزوجي متوفى، وهذا المنزل ورثته منه، وأتقاضى مبلغاً شهرياً من وزارة الشؤون الاجتماعية، ولكنه لا يكفي لترميم المنزل، وهناك مصاريف أخرى، من مأكل وملبس، وحتى دواء، فلا متنفس ولا منقذ، فتوجهت إلى جهات حكومية عدة، لمساعدتي في ترميم المنزل، إلا أنني لم أجد آذاناً صاغية، وبعضهم يضحك على مطلبي، وآخرون ينظر إليّ بعين الشفقة». وتبحث سارة عمن يمسح دموعها، ويقيها شرور الأيام، وتتخوف من أن تمضي بقية حياتها، وهي في العقد السادس من عمرها في الشارع» على حد قولها، وتشعر بالحزن والانكسار لحاجتها إلى منزل فقط، فهي لا تريد منزلاً جديداً أو إيجار منزل، وإنما العودة إلى مكان عاشت فيه، وتتمنى أن تموت فيه».